هل ستقضي المؤسسات الرقابية على العصر الذهبي للفضائيين في العراق!

آراء 2020/12/27
...

  ماجد عبدالحميد الحمداني

 
 
 الفضائيون أسسوا مملكة على ما يبدو أنها متشعبة الجذور للأسف، بدليل عجز المؤسسات المعنية الرقابية والمالية معا عن وضع حد حاسم ورادع لتلك القضية، والتي باتت مصدر قلق لعموم الشعب بل وتزيد من استيائه، ومع اكتشاف شبكة للتزوير في رواتب المتقاعدين قبل مدة وجيزة، وقيل إنها شبكة واسعة وخطيرة، لكن للآن لم ترد للرأي العام تفاصيل جديدة عن مصير تلك الشبكة، بحجة ‏انتظار اكتمال التحقيقات النهائية وغيرها من الاقاويل، وهكذا يظل المواطن قلقا على مستقبله وبشكل متواصل،
لانه يصدم في كل مرة بإفلات المتهمين من الحساب تارة ولكثرة أبواب الهدر والفساد الاخرى تارة اخرى، من دون أن يجد عقابا مقنعا لهؤلاء الذين يسرقون سرقات كبيرة جدا، فالمواطن أكان في وظيفة او من غير وطيفة، فعينه ترنو إلى التعيين والعيش الرغيد، يجد ببساطة أن الحلول في هذه الإشكالية المعقدة غائبة تماما. 
 ونعتقد على الأرجح أن أحد الحلول هو في تفكيك الآليات، التي يمكن من خلالها أن يتستر بها هؤلاء السراق، ‏فمثلا الكي كارد والماستر كارد أنظمة للدفع الإلكتروني، جاءت لمواكبة عصر السرعة والتطور العالمي ولتسهيل الخدمة الأفضل لعموم المستفيدين، إلا أن تلك الانظمة للأسف ومن خلالها على ما يبدو، تم استغلالها بشكل سلبي من قبل العديد من شبكات التزوير، وجعلها ستارًا ‏لتمرير عمليات تزوير هائلة لم يعرف العراق مثل خطورتها على مدى التاريخ، لذا فلا بدّ ان تقوم الجهات المعنية بدورها بمعالجة هذا الملف الخطير، حتى إذا اضطرت الى أن توقف او تلغي تلك العقود ولو مؤقتا لمدة شهر او شهرين وتوجه بتسليم الرواتب بشكل يدوي، كحل (اضطراري) لكشف تلك الشبكات بصورة دقيقة واحالتهم على المحاكم ‏المختصة، أمام أنظار 
الجميع، هذا إذا كانت جادة بالفعل، والجميع فاجأته تصريحات وزير المالية الدكتور علي عبد الامير عندما ‏ أكد بألا يقل عن ‫ ربع مليون فضائي يستلمون رواتب، وهذا الامر يفترض بإعلانه تدخل جميع الدوائر ذات العلاقة في حالة استنفار حقيقي تام، لمعالجة هذا الخلل ( الكارثي ) والذي لن يقف عند هذا الحد أبدا، بل سيتضاعف ويتعاظم اكثر وربما سيحدث زلزالا تقلب فيه موازين العملية السياسية ‏ برمتها إن تأخرت الحلول، وهذا ما يتوقعه الكثير من المتخصصين، فضلا عن اهتزاز الثقة من جانب وتهاوي الوضع الاقتصادي من جانب 
الاخر.
والكل مسؤول عن تداعيات هذا الشرخ الفج، وبمقدمتها الجهات الرقابية كمجلس النواب والحكومة الاتحادية وكذلك القضاء والدوائر المعنية.
وبطبيعة الحال كل ذلك إفرز عدة مؤشرات سواء على البعد المعيشي أو الاجتماعي بسبب سطحية الحلول السابقة، التي أحدثت أزمات أخرى اجتماعية ونفسية عديدة، ككثرة ‏حالات الطلاق قياسا للسنوات السابقة، وكذلك ازدياد مخيف في عدد (المنتحرين) الذي اهم اسبابه اليأس والشعور المرير بالإحباط، وإن كانت هنالك أسباب أخرى ثانوية، وحسب المتخصصين ‏في هذا المجال، فضلا عن الانشغال عن معالجة ملفات أخرى ذات صلة مباشرة بحياة المواطنين كملف التسول والخطف بدافع الابتزاز المالي وحتى الجرائم الجنائية، والتي باتت هي الأخرى مؤشرا مفزعا لتداعيات الضعف والتهاون في التطبيق العادل للقوانين، فالتجاوزات على المال العام يجب أن ينبري لها المدعي العام والقضاء العراقي معا وأيضا بخطوات سريعة، لأن القضاء هو صمام الأمان لأي فوضى تتجاوز الخطوط 
الحمراء.
لاسيما أن المحاكم العراقية تنتشر في كل مدن العراق والكل يحدوه الأمل ببارقة جديدة تعود بالأمور إلى نصابها الصحيح وعدم الاستسلام و الاكتفاء بمجرد الأقوال والوعود فقط، والتي أصبحت نشازًا مقرفا بالنسبة للجماهير التي لن تتقبل على ما يبدو ‏باقل من الأفعال وأفعال ملموسة على أرض الواقع.