بشير خزعل
من المتعارف في قوانين اغلب دول العالم، ان اسرار مؤسسات الدولة لا يمكن أن تسرب الى عامة الناس تحت اي ظرف، الا بإرادة وموافقة القائمين على اداراتها، اذا كانت تلك المعلومات تفضي الى مصلحة ما، ولا يترتب عليها ضرر يلحق بأفراد الشعب بمختلف فئاتهم ومستوياتهم وتنوعهم العرقي والديني، ويبقى مستوى الحفاظ على اسرار الدولة بمختلف أنواعها الأمنية والاقتصادية والسياسية مرهونا بمستوى وكفاءة الاشخاص التنفيذيين والاداريين، ممن يعتلون هرم السلطة في تلك المؤسسات، فالخبرة والحكمة يجب أن تسبقا بعض المؤهلات الفنية في احيان كثيرة، وفي الوقت الذي يعتقد كثيرون أن معرفة بعض الاسرار قد تؤدي الى فائدة ما، لكنها في حقيقة الامر لن تفضي الا لفائدة محدودة لن تتعدى بضعة اشخاص، ثم يعم ضررها على ملايين الناس، ولنا في شواهد كثيرة ( اسوة حسنة )، البعض من المسؤولين يسعى الى الابتعاد عن تطبيق سياسات تقليدية غير فعالة، عفا عليها الزمن، ويميل آخرون الى التقليل من شأن تأثير مناصبهم في الراي العام، متناسين ان تطوير ثقافة المؤسسة التنفيذية في الدولة هي مهمة تصاعدية متعددة الأوجه، تبدا من اعلى مستويات القيادة، ثم تتقدم في مراحل لاحقة على اساس الشعور بالمسؤولية ومدى اهمية الهدف المنشود، الذي يتجاوز المكاسب المادية او الأهداف الأخرى التي ترجح كفة طرف على اخر في تنافس غير مشروع، اظهار معايير السلوك التي تعكس الثقافة العامة للوزير او المدير تتجلى في ثقافة فريق العمل، وتحقيق الثقافة المؤسسية مرهون بقدرة المسؤول التنفيذي على فهم ما تترتب عليه القرارات من تداعيات على المجتمع، لذلك تكون للقرارات أوقات خاصة في صدورها وظهورها للعلن، حتى لا يتضرر منها المواطن بشكل بالغ، فبعض القرارات حتى وان كانت حتمية، يبقى توقيتها المقرر فيه منفعة اكثر من ضررها إن تسربت قبل أوانها وأصبحت الدولة امام واقع حال مفروض، يضطرها الى اقرارها واعتمادها بشكل رسمي قبل الاوان، حتى تتمكَّن الدولة من حماية كيانها، عليها أولًا بناء ثقافة تنظيميَّة قويَّة وراسخة توفر لها عوامل الاستقرار، ويتحتم عليها كذلك الاهتمام بالكثير من العناصر الخاصة بها، في مقدمتها الرؤية؛ فالثقافة التنظيمية الناجحة تنبع من رؤية واضحة للدولة، تعكس بوضوح طبيعة أهدافها، لتقنع ابناءها بشرعيتها وقوتها في تأمين اوضاعهم كمواطنين يعيشون بكرامة ومن دون أزمات موسمية او مرحلية .