حسين رشيد
نص الدستور العراقي في المادة (31) على (اولا: لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية وتعنى الدولة بالصحة العامة وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء المستشفيات والمؤسسات الصحية- ثانيا: للأفراد والهيئات انشاء مستشفيات او دور علاج خاصة وباشراف من الدولة وينظم ذلك بقانون)، بينما اكد قانون الصحة العامة رقم (89) لسنة 1981على مجمل تفاصيل الصحة العامة والسلامة المهنية في شتى المجالات والقطاعات الانتاجية والخدمية والوقائية، حيث تتكفل مؤسسات الدولة بنسبة كبيرة من هذه المهام، التي تعد ضمن الواجبات الوطنية والانسانية.
تحرص الدول وانظمة الحكم الديمقراطية ايلاء الموطنين الخدمات الصحية الجيدة، اذ تعد عماد بناء المجتمع وتطوره، فقطاع صحي جيد يعني قطاع تربية وتعليما سليما، وبناء حاضر علمي متطورا، ينعكس بالايجاب على القطاع الصحي ايضا، من خلال رفده بالكفاءات الطبية والعلمية، بالتالي ستكون عملية تكاملية بين قطاعين رئيسين في ايجاد بنية مجتمعية، متماسكة متعاونة، من دون اي تمايز في نيل الخدمات وبوجه الخصوص الصحية والتعليمية. بالرغم من ان قانون الصحة العامة رقم (89) لسنة 1981 أكد مجمل مفاصل الصحة العامة، لكن مواده وفقراته المنفذة اخذت بالتناقص من فترة إلى اخرى، حتى وصل الحال إلى أن يكون قانون (بس بالاسم) او يؤخذ منه ما يلائم طبقة او شريحة مجتمعية معينة، ويهمل الباقي او يتغاضى عنه، او ينفذ بطريقة سيئة او نسبية تختلف من جهة صحية إلى اخرى او من مسؤولية إلى اخرى. منذ التاسع من نيسان 2003 والى اليوم لم نشهد افتتاح مستشفى حكومي حديث متطور يأخذ بالحسبان الزيادة السكانية، ولم نشهد تطورا في الخدمات الصحية العامة، ولم نلاحظ متابعة ومراقبة مشددة لسلامة الصحة العامة، ولم تقدم المؤسسات الصحية الخدمات المرجوة منها رغم كبر حجم التخصيصات المالية لها، لكن بالمقابل نشهد تسارعا في افتتاح المراكز والمستشفيات الاهلية، وبوتيرة متصاعدة، حتى فاق عددها اعداد المستشفيات الحكومية، ومن المعلوم أن المستشفيات الخاصة تقدم خدماتها لمن يملك المال او ممن قادر على ارجاعه بعد استدانته لأجل العلاج والشفاء. منذ سنوات تم الانتهاء من انجاز بعض المستشفيات (الالمانية والتركية) في مدن البلاد ولم يتبقَ من افتتاحها الا اللمسات الاخيرة، لكن خلافات القوى والاحزاب السياسية ومكاتبها الاقتصادية على ادارة تلك المستشفيات تأخر ذلك، مع تمادٍ وتساهل حكومي بهذا الشأن، ليبقى الفقراء يدفعون ثمن الدفاع عن الوطن من سنوات حياتهم، وينعم الآخرون برخاء الوطن، والنظام العاجز عن مدواة جراح الفقراء حسبما نص الدستور والقوانين النافذة.