حسين المولى
تعد بطبيعة الحال الصورة الشخصية هي انعكاس لشخصية الإنسان وكيانه المادي، وكذلك المعنوي، فلا يمكن أن تكون هذه الصورة من غير حماية قانونية تحفظ للإنسان حقوقه وكرامته وتُجرم استغلال ذلك بأي شكل من الأشكال وبأي مكان وزمان، فالصورة الشخصية تعكس مشاعر الإنسان ورغباته وكذلك أحاسيسه وأفكاره الشخصية، التي لا بد من حمايتها بصورة واضحة، وبرز في الفقه القانوني الكثير من الآراء المختلفة في حق الإنسان بصورته، فمنهم من ذهب إلى هذا الحق بأنه حق ملكية ومنهم من ذهب بأنه حق مؤلف وبعض آخر عدها بأنها حق شخصي وهنالك اتجاه أعطاها الطبيعة المزدوجة،
وبهذا نجد من غير الممكن انتهاك هذا الحق بأي شكلٍ من الأشكال سواء نشر الصورة في المواقع الإلكترونية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي أو غير ذلك من غير موافقة الشخص، وقد جاء في قانون العقوبات العراقي في المادة 438 منه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى طرق العلانية أخبارًا أو صورًا أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو الأسرية للأفراد، ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها الإساءة إليهم، وهنا المشرّع قد جرم النشر في هذا الخصوص وكان من المستحسن أن يجرم أيضًا التقاط الصور من دون موافقة الشخص بذلك، وهذا الحق هو حق مرتبط بحق الشخص في الحياة الخاصة، وبرزت هذه الأهمية في حماية الشخص لصورته الشخصية مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعية لما تتيح من إمكانية وسرعة في الانتشار، ويتيح هذا الحق لأي شخصٍ في اللجوء للقضاء لحمايته من هذا التعدي الكبير على حياة الإنسان الشخصية وانتهاكها، والحق بخصوصية الصورة الشخصية من أهم وأبرز أنواع الخصوصية، والمساس بها يُعد انتهاكا لحق الشخص في صورته الشخصية، وكذلك يعد من انتهاك الخصوصية في ذلك كُلّ فعل يؤدي في تحويل ملامح الصورة الشخصية في سبيل الاستهزاء والسخرية والتهكم، ومما تجدر الإشارة إليه هو التفريق بين التقاط الصورة في الأماكن العامة والخاصة، ففي الأول لا يمكن المعاقبة عليها بسبب كون الشخص في مكان عام ودخوله في هكذا أماكن هو الموافقة المبدئية على ما سيحصل فيها من التقاط الصور وغير ذلك، أما في الأماكن الخاصة فهي جريمة لو التقطت من غير إذن الشخص، ومع هذا التطور الحديث وظهور اَلتِّقْنِيَّة وما صاحبتها من بروز لمواقع التواصل الاجتماعي، حيث باتت بيئة خصبة لهذا الانتهاك الصارخ بحق الإنسان في حياته الخاصة وممارسة نشاطاته المختلفة، ومن هنا لا بُدَّ من وجود قانون يحد من انتهاك الخصوصية وحق الشخص في صورته الشخصية ومنع الأشخاص من التقاط الصورة أو نسخ أو تداولها أو نقلها او نشرها او استغلالها وكذلك تحريفها، حيث من الممكن أن تؤدي في كثير من الاحيان إلى التسبب بحالة نفسية للشخص وممكن ان تؤدي
للوفاة، ووفق لهذا من اللازم وجود قانون يجرم ويعاقب على هذه الأفعال غير
المشروعة.