من يفعّل قانون الاستثمار؟

آراء 2021/01/03
...

 سلام مكي
 
 
في الوقت الذي تعاني فيه الموازنة العامة للدولة من وجود فرق كبير بين الايرادات والنفقات، وتعاني أيضا من تحد كبير يتمثل بتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين ومستحقي الاعانات الاجتماعية، كان على الجهات المختصة في الحكومة، الاستماع إلى المختصين بالشأن الاقتصادي والقانوني، لإيجاد حل جذري لمشكلة العدد الكبير من الموظفين، وبيان مدى الحاجة إلى العدد المتوفر، وكذلك معالجة الطلب المتزايد على الوظيفة العامة، وتجدد الاعتصامات والتظاهرات من قبل مختلف الخريجين والشرائح، للمطالبة بالتعيين في دوائر الدولة. 
الدولة العراقية، بعد التغيير، رأت وجود حاجة ملحة وكبيرة في تشريع قانون جديد، يعالج مسألة انعدام البنى التحتية، وقلة الخدمات المقدمة للمواطن نتيجة لعدم وجود مؤسسات ومنشآت لهذا الغرض. فهنالك حاجة إلى مؤسسات صناعية وخدمية وتجارية وصحية، يمكنها أن تسهم مع المؤسسات الرسمية في دعم المواطن، وتقليل الاعتماد على الحكومة في الحصول على الخدمات، فتم تشريع قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 2016. 
هذا القانون الذي منح امتيازات كبيرة ومهمة للمستثمرين العراقيين والأجانب، في سبيل إقامة المشاريع الاستثمارية داخل البلد، ورغم توفر جميع مقومات نجاح القانون وتطبيقه على أرض الواقع، خصوصا الأراضي الكثيرة غير المستغلة وتوفر الطاقات البشرية الكثيرة غير المستغلة أيضا، وتوفر رؤوس الأموال والرغبات الكثيرة التي أبداها مستثمرون عراقيون وأجانب في الدخول إلى السوق العراقية، لكن للأسف، لا نجد في كثير من المحافظات أي مشاريع أنجزت وفق قانون الاستثمار، ربما هناك مشاريع، لكنها متلكئة، أغلبها تعاني من مشكلات قانونية، تلك المشاريع لو قدر لها النجاح لاستطاعت استيعاب الكثير من الطاقات المعطلة، وامتصاص نسبة كبيرة من البطالة، وتخفيف الضغط على مؤسسات الدولة للحصول على وظائف ضمن الجهاز الحكومي. المعوقات كثيرة ومختلفة، منها قانونية تتمثل بعدم وجود أرضية قانونية مناسبة تعالج التقاطع بين القوانين التي تنظم تلك الأراضي. فهنالك قوانين سنت قبل عشرات السنين، نظّمت العلاقة بين الأرض ومستغليها من جهة وبين الأرض والدولة، وحددت حقوق كل طرف فيها. بل هنالك أراضٍ ما زالت تعتمد الوضع القانوني نفسه منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى الآن. رغم مرور مئات السنين، وتبدل الأوضاع القانونية. فكما هو معلوم، فإن الواقع الزراعي للبلد هو الذي كان ساريا على جميع الأراضي، بالتالي، فإن المشرّع جعل كل الأراضي صنفها زراعي، حتى التي تقع داخل المدينة. قانون الاستثمار اليوم، يمنع من إقامة مشاريع صناعية على أرض زراعية وكذلك التشريعات التي تخص القطاع الزراعي، تمنع من إقامة أي مشاريع غير زراعية على الأراضي التي صنفها 
زراعي.
 ومن هنا، فإن جنس الأراضي الزراعية كان أكبر عائق أمام قانون الاستثمار، بالتالي، هنالك الكثير من المستثمرين، بقوا ينتظرون إجراءات تغيير جنس تلك الأراضي من زراعي إلى صناعي أو سكني من دون جدوى، الجانب الآخر المعرقل لقانون الاستثمار هو الفساد الذي يمنع أي نشاط استثماري من مزاولة عمله، إن إجراءات الحد من العجز في الموازنة العامة للدولة، يمكن تكون عبر إعادة الروح للقطاع الخاص، من خلال تفكيك جميع معرقلات قانون الاستثمار، وهو أمر ليس صعبا ولا يحتاج إلى إجراءات تمس قوت المواطن، ولا تؤدي إلى تذمر شعبي 
منها.