الاستهلاك المظهري

آراء 2021/01/17
...

   ريسان الخزعلي

يحتاج الإنسان في كل مجتمع إلى المال الذي يضمن استمرار عَيشه وحياته، حيث متطلبات: المأكل، المشرب، الملبس، الصحة، السكن، النقل، التعليم، والكثير من المتطلبات الأخرى الحاكمة، ويجري استهلاك المال بطريقة وأخرى تبعاً للموارد الماليّة المتاحة التي تتحقق بنشاط معين، ومن الطبيعي أن يتباين الاستهلاك المالي بين أفراد المجتمع الواحد، ويأخذ مستوياته ومعدلاته المعروفة ضمن المتطلبات التي تُمليها طبقية الفرد، فلكل طبقة نمط سلوك في الاستهلاك يُميّزها عن الأخرى.
إن الطبقات الفقيرة أو ذات الدخل المحدود، هي أوّل مَن تُعاني من ضعف معدلات الاستهلاك المالي، وكثيراً ما تُجهد نفسها في الاقتصاد والتدبير على مضض، وقد تتعرض إلى مستويات العيش الموصوفة بخط الفقر أو تحت خط الفقر .
إن َّ أهم ما يجب الإشارة إليه في موضوع الاستهلاك المالي، هو ظاهرة الاستهلاك المظهري الذي يعني صرف وتبذير المال في حاجات غالية ونادرة، لا يستعملها الإنسان في حياته اليومية باستمرار، ومثل هذا الاستهلاك إن حصل عند الطبقات المتمكنه ماليّاً، فله ُ ما يُبرره، أما حين يحصل عند الطبقات الفقيرة، فهذا يستوجب الانتباه والتثقيف بالضد منه .
يقول عالم الإجتماع (فيبلن) في كتابه (نظرية الطبقة المُرفّهه): إن الحاجات النادرة لها قيمة جوهرية تُساعد صاحبها على الظهور والتفاخر والكبرياء، وتُعطيه مركزاً اجتماعياً مرموقاً، بحيث يعده الناس عضواً في الطبقة الأرستقراطيّة المُرفّهة، وهذا ما يجلب له الغبطة والسعادة، إذ انَّ الاستهلاك المظهري الذي ينغمر فيه الفرد يُساعده على اكتساب الامتيازات الاجتماعية التي تتسم بها الطبقات المُرفّهة، ويُضيف (فيبلن) قائلاً إنَّ هناك عدداً من أفراد الطبقات الفقيرة يطمحون في الانتماء إلى الطبقات العليا، ومثل هذا الانتماء لايتم إلّا عن طريق دخولهم في معترك الاستهلاك المظهري، وتماهياً مع قول فيبلن، لا بدَّ من الانتباه إلى ظاهرة الاستهلاك المظهري التي شاعت في مجتمعنا - أكثر من أي وقت – بعد عام 2003 وما تلحقه من ضرر حينما يُمارسها أبناء الطبقات الفقيرة، تقليداً وليس ضرورةً، لأنَّ هكذا ممارسة ستكون على حساب متطلبات العيش الأساسية التي تضمن الكرامة، وقد تقود أحياناً إلى ممارسات خاطئة من أجل الحصول على المال بطرق غير شرعية، وهنا لا بدَّ من برامج تعليمية وثقافية وإعلامية تضمن نشر الوعي والتوعية بالضد من هذه الظاهرة.