IEA: كفاءة الطاقة لعام 2020

اقتصادية 2021/01/19
...

 ترجمة: الخبير النفطي صلاح الحساني 
 

اصدرت وكالة الطاقة الدوليةIEA  في شهر كانون الاول 2020 تقريرها عن موضوع كفاءة الطاقة لعام 2020 ، والذي تضمن محاور عديدة، توضح تأثير جائحة كورونا «Covid - 19» في موضوع كفاءة الطاقة يعتبر التقرير اخر اصدار للوكالة لعام 2020 ويتضمن التطورات العالمية في مجال كفاءة الطاقة، وتلعب كفاءة الطاقة دورا حيويا في مشروع التحول نحو الطاقة النظيفة وتحقيق الاهداف ذات العلاقة بالمناخ العالمي والاستدامة، كما يركز التقرير على تأثير الجائحة في كفاءة الطاقة واسواق الطاقة العالمية لعام 2020، كما يسلط الضوء على دور الكفاءة في دعم جهود الاستدامة عالميا، من خلال خلق فرص عمل وتحفيز الانفاق مقابل تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة(Greenhouse gas).

التقدم في الكفاءة مقابل التباطؤ والنكسات بسبب جائحة كورونا
منذ عام 2015 شهدت التحسينات في كفاءة الطاقة، المقاسة بكثافة الطاقة انخفاضا، واضافت ازمة جائحة كورونا مستوى اعلى الى الانخفاض، ونتيجة لهذه الازمة ومع استمرار انخفاض اسعار الطاقة، فانه  كان من المتوقع أن تتحسن شدة الطاقة بـ (0.8 بالمئة) عام 2020 فقط مقارنة بـ (1.6 بالمئة) عام 2019 و (1.5 بالمئة) عام 2018، ويعتبر هذا اقل من المستوى المطلوب لتحقيق متطلبات المناخ العالمي واهداف الاستدامة، وهو أمر مقلق لان كفاءة الطاقة تسهم بحوالي اكثر من (40 بالمئة) من مقدار التخفيض ذي العلاقة بالطاقة المسؤولة عن انبعاثات الغازات الدفيئة خلال (20) سنة، في سيناريو التنمية المستدامة لوكالة الطاقة
 الدولية.
 
انخفاض الاستثمار في كفاءة الطاقة بمقدار (9 بالمئة) عام 2020 
ان استثمار الاموال في الابنية والمعدات والمركبات ذات الكفاءة الطاقوية كان من المتوقع أن ينخفض عام 2020 بسبب انخفاض النمو الاقتصادي بنسبة (4.6 بالمئة)، اذ ان مبيعات السيارات الجديدة يتوقع أن تنخفض باكثر من (10 بالمئة) ابتداء من عام 2021، ما يؤدي الى بقاء المركبات القديمة والاقل كفاءة، بالرغم من نسبة المركبات الكهربائية، مقارنة بالمبيعات الجديدة، ويتوقع ان ينمو بنسبة (3.2 بالمئة) بعد ان كان (2.5 بالمئة) عام 2019 . 
اما بما يخص الابنية التجارية والصناعية، فان اسعار الطاقة المخفضة مددت فترات استعادة رأس المال لمعايير كفاءة الطاقة الرئيسة بحوالي ( 10بالمئة الى 40 بالمئة) ما يخفض من عامل الجذب لها مقارنة بانواع الاستثمار الاخرى .
التغير في استخدام وسائل النقل له تأثيرات كبيرة في طلب الطاقة وكثافتها 
ان القيود التي فرضت على السفر بسبب الحجر الصحي كان لها تأثيرات كبيرة في النقل  الداخلي والخارجي، اذ ان استهلاك الطاقة في قطاع النقل يستهدف انخفاضا يصل الى (10 بالمئة) عام 2020 مقارنة بعام 2019، شاملا تقليصا في الوقود بنحو (11 بالمئة) مايعادل حوالي (6) ملايين برميل يوميا وهو ما يعادل حوالي ثلثي الانخفاض الكلي المتوقع للطلب العالمي عام 2020، وان الانخفاض الهائل في قطاع النقل خفض معاملات حمل المسافرين في قطاع الطيران والسكك الحديدية بحوالي (28 بالمئة) في شهر نيسان لعام 2020 .
 
دعم كثافة الطاقة 
في قطاع الصناعة ربما يزداد 
من المحتمل ان تصبح الصناعة كثيفة الطاقة بشكل اكبر لكون الحصة الاكبر من التصنيع تتميز بصناعات كثيفة الطاقة، ففي اوروبا والولايات المتحدة كانت صناعة السيارات تتميز بكونها عملية تصنيع ذات كثافة طاقة اقل، سجلت حينها (30 بالمئة) بعد سنة في النصف الاول لعام 2020، بينما كان تصنيع المعادن الاساسية (وهو قطاع ذو كثافة طاقة عالية)  حوالي (15 بالمئة) اقل. 
 
معايير الكفاءة في الأبنية تواجه التأخير في بعض الأسواق 
ان التحسينات التقنية في الكفاءة في بعض الاسواق قد تأخرت بسبب اجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، التي اوقفت دخول المقاولين الى الابنية ذات العلاقة، اذ انخفضت اعمال النصب الذكي من 80 بالمئة الى 90 بالمئة في قمة مراحل الحجر الصحي في الهند والمملكة المتحدة لكنها عادت الى مستويات عام 2019 في الربع الثالث لعام 2020. 
ان حالة عدم اليقين الاقتصادية قد تؤدي الى تأخير اكثر في الاستثمارات في قطاع الابنية مع وجود اهداف تنموية في المستقبل في استخدام بعض المواد مثل الزجاج الكفوء الطاقة بحدود (6 بالمئة) اقل من فترة ما قبل الجائحة، وقد ارتفع استخدام “تقنيات اعملها بنفسك” في بعض الاسواق والتي ستقوي كفاءة الطاقة للابنية السكنية في المدى القصير، ففي استراليا على سبيل المثال، فان مبيعات العوازل الحرارية كانت (20 بالمئة الى 40 بالمئة) اعلى في النصف الاول لعام 2020 مقارنة بالعام السابق .
 
احتمالية تحسن كفاءة الأجهزة 
في المدى القصير
ان المعلومات التي توفرت  في نهاية الفصل الثالث لعام 2020 تشير الى ان ازمة جائحة كورونا  قد زادت من الاهتمامات المنزلية لشراء الاجهزة الجديدة، اذ على الاقل ان بعض هذه الاجهزة سيحل محل الاجهزة القديمة والموديلات غير الكفوءة، ومنذ بداية الجائحة فقد ارتفع معدل ادلة البحث للشراء الالكتروني بمقدار ( 20 بالمئة الى 40 بالمئة) لعدة انواع من الاجهزة على مستوى العالم، في إشارة الى أن مبيعات الاجهزة كانت اعلى من المعتاد، اذا ما تم التأكد من هذه الميول فانها ستزيد الكفاءة التقنية لمخزون الاجهزة عالميا.
 
التمويل المحفز لأعمال تحسين كفاءة الطاقة غير منتظم حتى الان
لقد تابعت وكالة الطاقة الدولية تمويلا قيمته ( 66) مليار دولار لمعايير ذات علاقة بكفاءة الطاقة، اعلنت كجزء من حزم التحفيز الحكومية حتى نهاية تشرين الاول، الجزء الاكبر من المبلغ (26) مليار دولار تم تخصيصه لقطاع الابنية، وبشكل متوقع فان الاستثمارات في كفاءة الطاقة في الابنية قدرت بانها تخلق فرص عمل بحوالي (15) وظيفة، لكل واحد مليون دولار يتم صرفه، كما ان مبلغ حوالي (20) مليار دولار تم الاعلان عنه لتعجيل التحول الى المركبات الكهربائية من ضمنها بنى تحتية لاعمال الشحن للسيارات الجديدة.
ان متابعة الوكالة تظهر صرفا غير متوازن للقطاعات، اذ لا توجد بيانات اعلنت لزيادة ادخال اجهزة عالية الكفاءة، بينما الصرف على السيارات العادية دون السيارات الكهربائية يعتبر قليلا لغاية الان، ان الصرف المعلن على الكفاءة يعتبر غير متوازن ايضا بالنسبة للقاعدة المناطقية، فالمصاريف المعلنة من بلدان اوروبية قللت من تلك لمناطق اخرى في العالم، فأوروبا استحوذت على (86 بالمئة) من تمويل التحفيز العام المعلن للكفاءة على مستوى العالم مع مشاركة اسيا باسيفيك واميركا اللاتينية بالمتبقي البالغ
 (14 بالمئة). 
 
زيادة الصرف المحفز على كفاءة الطاقة قد يخلق الملايين من فرص العمل
نحن نخمن بأن الصرف المحفز ذا العلاقة بالكفاءة والمعلن حتى الان قد يولد ما يكافئ (1.8) مليون فرصة عمل بدوام كامل بين عامي 2021 – 2023، وان ثلثي هذا العدد سيكونان في قطاع الابنية، (16 بالمئة) في قطاع الصناعة و(20 بالمئة) في قطاع النقل. واعتمادا على التقارير الصادرة حتى الان فان اكثر من (80 بالمئة) من فرص عمل الكفاءة تستهدف ان تخلق في اوروبا، اذ ان معظم التمويل قد تم تخصيصه، لذلك فان خطة استعادة الاستدامة لوكالة الطاقة الدولية IEA  والتي صدرت في حزيران 2020، تقترح فعاليات اقتصادية اكثر تستهدف كفاءة الطاقة وقد تخلق حوالي (4) ملايين فرصة عمل اضافية على مستوى العالم للاستثمار في القطاعين العام والخاص في الابنية والنقل والصناعة .
 
الأزمة تغير كيفية استخدامنا 
للطاقة في الأبنية 
لقد شهد قطاع الابنية تحولا جزئيا في الطلب على الطاقة من الابنية التجارية الى السكنية، لكون التباعد الاجتماعي والعمل عن بعد قد قللا من استخدام الطاقة في الابنية التجارية، وزادت الفعاليات التي تستخدم الطاقة في المنازل، ففي النصف الاول لعام 2020، ازداد استخدام الكهرباء في الابنية المنزلية في بعض البلدان بحدود (20 بالمئة الى 30 بالمئة) مع انخفاض حوالي (10 بالمئة) في الابنية التجارية، وفي الابنية التجارية فان الخدمات الحيوية كانت مسؤولة عن الحصة الاكبر في استخدام الطاقة، وهذة الخدمات تكون غالبا اكثر كثافة طاقوية. 
ولذلك فان كثافة الطاقة للابنية التجارية من المحتمل ان تزيد، فعلى سبيل المثال ان منافذ بيع الاطعمة والتي استمرت بشكل كبير في العمل خلال فترة الجائحة تكون اكثر في الكثافة الطاقوية، مقارنة بالمعدل للمكاتب في الولايات المتحدة، اذ العديد من المكاتب وبشكل كبير غير مشغولة خلال الازمة، ومع اعادة افتتاح المحال والمكاتب فان الابنية التجارية قد تصبح اكثر كثافة طاقوية، اذ يتوقع الشاغلون معدلات عالية من التهوية لتقليل مخاطر انتقال عدوى الجائحة.
 ان حوالي (30 بالمئة) من طاقة الابنية تتبد في التهوية وتنقية الهواء، وهذه تزداد فقط مع المعدلات العالية للتهوية.
 
 
*كفاءة الطاقة: هي استخدام طاقة أقل لتقديم الخدمة نفسها 
 
*كثافة الطاقة: هي كمية الطاقة المطلوبة لوحدة الفعالية، واستخدام طاقة اقل لانتاج منتج معين يقلل من الكثافة، وتحسب كوحدات للطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الاجمالي، والكثافة العالية من الطاقة تشير الى سعر عال او كلفة تحويل الطاقة الى الناتج المحلي الاجمالي. 
 
ان العلاقة بين كفاءة الطاقة وكثافة الطاقة هي علاقة عكسية.