د.عبد الواحد مشعل
تعد ظاهرة الزواج والطلاق المبكرين من أهم المشكلات التي تواجه الأسرة العراقية المعاصرة في المرحلة الحالية، لما تتركه من آثار خطيرة على تماسك الأسرة وعلى الحلقات الضعيفة في بنية التقاليد المجتمعية العراقية، لاسيما المرأة والطفولة وعلى القيم الأسرية وانعكاسهما على الجانب السلوكي، وهي لا تقل أهمية عن ظاهرة العنف الموجه ضد الأطفال والمرأة، بل إن الزواج والطلاق المبكرين، هما نوعان من أنواع العنف في المجتمع، ليس فقط ضد الطفولة والمرأة فحسب إنما ضد الأسرة المعنية أيضا، والإشكالية الأساسية التي يمكن التأكيد عليها في هذا المجال. إن هذه الظاهرة آخذة بالازدياد في الوقت الحاضر، تحركهما أسباب عديدة أبرزها التراجع الحضاري الذي أصاب المجتمع، وتزايد قناعة الأبوين بأن الزواج المبكر لأبنائهم، يمثل حماية لهم من الانحراف في واقع ضعفت فيه الرقابة الأسرية، فضلا عن تأثير المتغير الاقتصادي، الذي بات يمثل تحديا خطيرا تزداد اثاره يوما بعد اخر في الإنسان، ما جعل القيم المادية تؤثر في عقول الأفراد، سواء المعنيين بالزواج المبكر أو ذويهم، ما دفعهم إليه دون التفكير بالجانب الأخلاقي والسلوكي، لاسيما السؤال عن سلوك المتقدم للزواج أو عن ثقافة أسرته، وفي بعض الأحيان يتم الزواج بضغط من الأبوين من دون أن يكون لأبنائهم رأي واضح، بسبب اعتقاد الوالدين بعدم النضج النفسي والاجتماعي لأبنائهم، حيث يقعون تحت إغراءات يقدمها الأب أو الأم عن الحياة الزوجية، وقد اتضح الكثير من الوقائع الميدانية أن الجهل والأمية والفقر والخوف على الفتيات من الانحراف، وتطبيق مقولة البنت ليس لها إلا بيت زوجها وقد ساعد على ذلك انقطاع كثير من البنات الأطفال عن التعليم بسبب الفقر والجهل، ما جعل هذه الظاهرة تزداد يوما بعد آخر. والمشكلة الأساسية في هذا المجال أن الزواج والطلاق المبكرين تركا آثارا خطيرة على الأسرة أولا، وعلى ذوي العلاقة المباشرة الفتى والفتاة ثانيا، وعلى المجتمع ثالثا، حيث شكلا خرقا واضحا للاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان ولاسيما حقوق المرأة والطفل معا، إذا ما نتج عن هذا الزواج من إنجاب، فضلا عما تتركه الظاهرة على الأسرة من توترات نفسية واجتماعية، لاسيما ما تتعرض له المطلقات أو المنفصلات من الاضطهاد أو التهميش ومخاطر الانحراف السلوكي، مما يلقي بآثاره المدمرة في المجتمع، لاسيما مع انتشار وسائل الاتصال الحديثة، التي أضحت في متناول الجميع.