في ندوة لـ «التطوير البرلماني» ..مطلوب موازنة بأرقام حقيقية لا تثقل كاهل البلاد

اقتصادية 2021/01/26
...

 بغداد: حسين ثغب 
 
أجمع نواب وخبراء بالشأن الاقتصادي على ضرورة ان تقدم الموازنة الاتحادية العامة أرقاما حقيقية لاتثقل كاهل البلاد، إذ تمثل بمبالغها المقدرة بـ 164 ترليونا ثاني أكبر موازنة في الوطن العربي. الندوة التي نظمها معهد التطوير البرلماني برعاية النائب الاول لرئيس البرلمان حسن الكعبي حملت اسم "نظرة عامة على الموازنة الاتحادية لعام ٢٠٢١" تضمنت ثلاثة محاور؛ هي، الآثار السلبية والايجابية لانخفاض قيمة الدينار العراقي، وقراءة لقوانين الموازنات السابقة، فضلا عن نظرة اقتصادية على الموازنة الاتحادية. 

الإدارة الماليَّة
الأمين العام لمجلس النواب سيروان عبدالله اسماعيل أدار الندوة قائلا: ان "العراق بأمس الحاجة الى النهوض بالادارة المالية الى مستويات افضل، لاسيما ان البلد غني ويمتاز بوفرة الثروات تحت الارض وفوقها، كما تمتاز البلاد بوفرة اليد العاملة التي تمثل ٦٠ بالمئة من عدد سكان البلاد".
ولفت الى "أهمية رفع تخصيصات وزارة التربية والعمل على تنشئة جيل قادر على النهوض بالبلد واقتصاده"، مشيرا الى ان "عملية التنمية لا بد ان تبدأ من الموارد البشرية وأول مراحلها وزارة التربية".
من جانبه قال مدير معهد التطور البرلماني سعد فياض: "نسعى من خلال هذه اللقاءات الى تطوير الافكار البناءة وتحويلها الى تشريعات، آملين تعديل مسارات العمل وتحقيق التقدم للبلاد بجهود الجميع".
 
منعطف تاريخي
المدير العام السابق في البنك المركزي وخبير الشأن المالي محمود داغر اكد: ان "قرار خفض قيمة العملة يمثل منعطفا تاريخيا، لاسيما ان العراق من البلدان التي تعتمد سعر صرف ثابتا، إذ تأمل الاوساط الاقتصادية ان يشرع مجلس النواب باعتماد سعر صرف جديد لايحمل تأثيرات سلبية كبيرة على السوق
 المحلية".
واشار الى ان "تعويم العملة بالنسبة للعراق، أمر غير مقبول، إذ تشرع البلدان التي لاتملك موارد الى هذا الاجراء ويكون وفق سياقات محددة، وان العراق ربط عملته بالدولار، وذلك لان ايراداتنا بالدولار واستيراداتنا كذلك كون الدولار عملة عالمية ربطت اغلب بلدان المنطقة عملتها به فقط الكويت توجهت الى ربط عملتها بعدة عملات".
 
الأوساط التجاريَّة
عن تأثيرات خفض قيمة العملة بين داغر أن "تأثيرات كبيرة طالت الاوساط التجارية على وجه الخصوص بسبب التعاملات بين تجار الجملة وبائعي المفرد والتي وصلت تأثيراتها لجميع الفئات العاملة في الاسواق".  
موضحا ان "الإعلام غير المتخصص يسبب احيانا حرقا للأفكار الاقتصادية، كونه لا يعلم حجم التأثيرات التي يخلفها حين يتناول موضوعا يخص الاموال بشكل غير دقيق". 
أما بشأن هروب وتهريب الدولار فقال داغر: "لايوجد تهريب للدولار من العراق، بل هروب الى الخارج باشكال مختلفة كشراء العقارات والعلاج، وكذلك للدراسة في دول مختلفة، وهذه الاسباب وغيرها تذهب بالدولار خارج البلاد بشكل شرعي ووفق القانون".
 
البرنامج الحكومي
وفي المحور الثاني اكدت مدير عام دائرة البحوث والدراسات النيابية ميادة الحجامي  ان "الموازنة خطة مالية مستقلة، تقرر الدولة بموجبها الايرادات والنفقات التي تستهدف البرنامج الحكومي واعداد خطط سنوية تترجم عبر الموازنة التي تعد اهم قانون يصدر عن السلطة التشريعية".
ولفتت الى ان "الدستور حدد الموعد الذي ترسل خلاله الحكومة الموازنة الى مجلس النواب، وفي 2020 لم ترسل الموازنة، اما في ٢٠٢١ وصلت متأخرة، والتأخير يؤثر على المشاريع وتنفيذها، رغم ان البلاد بأمس الحاجة لها". 
 
نسب الصرف
واضافت الحجامي ان "مشروع موازنة العام الحالي حدد نسب الصرف، ولكن لم يعطِ اولوية للقطاعات الانتاجية، كما ان مشكلة مشروع الموازنة انها لا تخلو من الاقتراض". 
 
مسؤولية اجتماعيَّة
بدوره استاذ الاقتصاد في كلية الادارة والاقتصاد الجامعة المستنصرية د.صادق طعمة خلف كشف عن ان "الموازنة باتت حديث الجميع كونها مسؤولية اجتماعية، ولها علاقة بالاستقرار الذي يفعل الاستثمارات في البلاد". 
واشار الى ان "التخصيصات الكبيرة للوزارات ومنها الكهرباء والصحة يجب ان يقابلها خدمة تقدم الى المجتمع، لاسيما ونحن امام موازنة تعد الاضخم للعراق وتبلغ ١٦٤ ترليون دينار ".
ونبه إلى أن "الموازنة خالية من المؤشرات للناتج المحلي وغيرها من المؤشرات المهمة، لاسيما أن تخصيصات الرواتب تجاوزت ٥٣ ترليون، في وقت توجد مؤسسات يمكن أن تغطي نفقاتها وتحقق أرباحا يجب الوقوف عندها".
وطالب بأن "تتضمن الموازنة اهتماما بالقطاع الخاص وأن يتم البحث عن إمكانية التوظيف في هذا القطاع وقدراته الاستيعابية، لاسيما انه يمتلك أكثر من ١٥٠ألف معمل صناعي
 متوقف".
 
الجوانب الاستثماريَّة
نائب رئيس اتحاد رجال الأعمال باسم جميل أنطوان أوضح أن "الموازنة لم تأتِ بشيء جديد يساند الجوانب الاستثمارية التي يمكن أن تحفز سوق العمل في البلاد"، لافتا إلى أن "القطاع الخاص ظهير للحكومة ويمكنه أن يحقق الأمن الغذائي، من خلال الإنتاج الصناعي والزراعي، كما يسهم في توفير فرص عمل للفئة العاطلة والمعطلة".
 
القطاع الخاص
داعيا إلى "أهمية تشريع قانون لتقاعد القطاع الخاص لانه يغني عن توجه الجميع صوب القطاع العام، إذ توجد مشاريع كبرى في القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية، وكذلك القطاع السياحي".وبشأن تخفيض قيمة العملة قال إن "القرار يمثل صدمة، وكان الأفضل أن تخفض العملة ١٠ بالمئة لفترة معينة، ويتم بعد ذلك تقييم الوضع واعتماد القرار الأفضل بثبات السعر أو تخفيض نسبة أخرى، لاسيما أن القرار حمل تأثيرات على الطبقات الفقيرة، وقد يسبب الانكماش".
 
شركتان دوليتان
النائب السابق محمد سلمان لفت إلى أن "الموازنة تتضمن تقاطعات ما بين الوزارات، الأمر الذي يتطلب من وزارة المالية إعداد موازنة مقبولة"، مقترحا ان "يتضمن قانون الموازنة انتداب شركتين دوليتين الاولى للمحاسبة والاخرى شركة تدقيق دولية لعلاج الخلل، لتتابع مسارات الاموال واتجاهاتها".
أما رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة محمد رحيم الربيعي فأوضح أنه في العراق المشكلة لا تكمن في القوانين بل في التعليمات، وهناك تجارب دولية يمكن الإفادة منها في هذا المجال.
وفي مفصل "بيع عقارات الدولة" الذي تتضمنه الموازنة قال: "لا أفضل البيع بل تمنح لمؤسسات حكومية لا تملك عقارا وتدفع مبالغ كبيرة للإيجار".