كيف أنقذ الثعلب الناس؟

فلكلور 2021/01/27
...

 ترجمة: عادل العامل
لم يكن هناك، ذات يوم، في مخيَّم قرب "بحيرة العبيد الكبرى" ما يصطاده الناس من وعول. ومرّت أيامٌ وأيام والأسر من دون طعام. وكان الجميع في حالة جوعٍ وضعف. وفي كل يوم كان غرابٌ ينزل في المخيَّم ويتجول من خيمة إلى أخرى ناظراً إلى الناس الجياع. 
وكلما جاء الغراب إلى المخيم، بدا مبتهجاً. وكان الناس محتارين من سبب ابتهاج الغراب على ذلك النحو. فسألوه قائلين: "أيها الغراب، هل لديك شيءٌ من الطعام، إننا لا نطيق أنْ ننظر إلى وجهك السعيد".
فردَّ الغراب: "إنَّ لديَّ المشكلة ذاتها التي لديكم". وكان يفكر كلَّ الوقت بالوجبة الطيبة التي ستكون لديه إذا ما مات بعض هؤلاء الناس.
وكان الناس يودّون أنْ يعرفوا مع هذا لماذا كان الغراب يبدو سعيداً هكذا على الدوام. فقرروا تتبّعه لرؤية أين يمضي. فكانت آثار قدميه تؤدي به إلى داخل الغابة. وراحوا يتتبعون الآثار حتى بلغوا فجأةً نهاية الغابة. وأخذوا ينظرون في كل مكان بحثاً عن علامات على الغراب. وفجأةً لاحظوا جعبةً تتدلّى من فرع شجرة. وكان فيها قطع من الدهن المجمَّد. قال الناس:
ـ "لا عجب في أنْ يكون الغراب مسروراً هكذا، فهو لديه كمية كبيرة من الطعام. لقد كذب علينا. وربما هناك المزيد من الطعام في الجوار". وقرروا بأنَّ هناك ولا بُدَّ قطيعاً من الوعول على مسافة قصيرة منهم.
وبينما كان الناس يتحدثون، قال رجل منهم يدعى ميك ــ بون Make-Bone بأنَّه سيتبع الغراب في المرة القادمة حين يغادر المخيم. وهكذا عاد الجميع إلى بيوتهم، بانتظار أنْ يظهر الغراب. وقام الغراب مرةً أخرى بزيارة المخيم في اليوم التالي، غير عارفٍ بالخطة التي قررها الناس. وراح، كالعادة، يدخل إلى كل خيمة بحثاً عن وجبة طعام محتملة.
وأخيراً قرر الغراب المغادرة. وكان ميك ــ بون قد تسلق شجرة صنوبر آنذاك لمراقبة الغراب. وحين طار الغراب مبتعداً، حاول الرجل تتبّعه بعينيه. لكنه اختفى عن الأنظار. وقد فقد الرجل الغراب ربما لأنه كان مضطرباً آنذاك، فمسح جبينه برمادٍ، وساعده ذلك على الرؤية بشكلٍ أفضل. فصاح:
ــ "أستطيع أنْ أراه الآن. إنه يهبط قريباً من تل. هيا بنا نتبعه إلى هناك". ومضى الجميع سائرين عبر الغابة للعثور على الغراب. وكانت مسيرةً طويلة أتعبتهم. وأخيراً وصلوا إلى التل حيث رأى ميك ــ بون الغراب آخر مرة. فلم يروا في الأول أية علامة على الطائر. ثم لاحظوا فجأةً وجود كوخٍ كبيرٍ من الصنوبر على مقربة من المكان. فأحاطوا سريعاً بالكوخ. واقترح ذئبً، صادف ظهوره هناك آنذاك، الدخول إلى الكوخ لرؤية ما في الداخل. وهناك لاحظ وجود حزمة طعام على مِنصَب عمود، فوق نار. وهكذا أخذ الذئب الحزمة الثقيلة إلى الناس. فكان الجميع سعداء بحصولهم على طعام يأكلونه. وقرروا،على كل حال، أنْ يجدوا الغراب، وبذلك سيكون لديهم طعام للوجبة التالية أيضاً. وتساءل الحشد:
ــ "مًن سيدخل الكوخ ليتجسس على الغراب؟"
فتقدم هذه المرة ثعلب للمساعدة. وأخبر للناس، قبل أنْ يدخل، بأنْ يضعوا الأطفال جميعاً في مكانٍ آمن. وطلب من الكلّ أنْ يقفوا قريباً. وقال:
ــ "كونوا على استعداد لاستخدام الرماح". وحين فعل الناس ذلك، دخل الثعلب إلى الكوخ. وهناك أطفأ بذيله الكثيف النار، فكانت هناك سُحبٌ كبيرة من الدخان. وأسرع خارجاً يتبعه ذيل من الدخان. وكان الناس ينتظرون بصبر.
وسرعان ما كان هناك ضجيجٌ أشبه بالرعد. وفجأةً اندفع قطيعٌ كبيرٌ من الوعول خارجاً من الكوخ الصنوبري. فبدأ الصيادون يرمحون الوعول وهي تركض إلى جوارهم. وعندما قُتل معظم الوعول، لاحظ الناس وجود زوج من الأجنحة المتكسرة ونتف من الريش على الأرض. وراحت امرأة عجوز تنحب حين رأت هذا، صائحةً:
ــ "أين الغراب؟ إننا بحاجة إلى الغراب الحكيم". ثم رفعت قطع العظام والريش ووضعتها إلى جنبها عندما ذهبت للنوم في تلك الليلة. وفي الصباح وجدت أنَّ الغراب لم يكن ميتاً.
وقد أعرب الغراب عن أسفه لأنه كان قد احتفظ بالوعول. وعرف أنَّ الثعلب قد فاقه في الدهاء وأنقذ الناس من الموت جوعاً.
عن/ Eskimo_Inuit Legends
• حكاية شعبية من الأسكيمو