عماد جاسم
التراث المعماري لبغداد ليست مجرد أحجار او جدران صماء وهي ليست مجرد بنايات تجارية او اماكن سكن، بل هي اكبر من ذلك لما تحمل من خصوصية ومعان من الارث، الذي نجمع على الاعتزاز به، تلك الدور والمحال التراثية التي تتعرض اليوم لعمليات هدم عشوائية بفعل قيام بعض المالكين او تجار العقارات بشرائها واستثمار فرص غياب الرقابة، خاصة ايام العطل او أوقات ما بعد الدوام الرسمي، ليقوموا بعملية هدمها وطمس ملامح الجمال المعماري، الذي يؤرخ عطاء وذوق الاجداد ورؤيتهم الجمالية من خلال تلك التحف المعماربة النادرة، التي يعود بعضها الي بداية القرن الماضي، وهي اليوم مهددة بالانقراص نتيجة تعدد جهات الرقابة وعدم تنفيذ القانون لحمايتها بصرامة، وكذلك لعدم معرفة الكثيرين باهمية وجودها كمعالم حضارية او كشواخص تراثية ترسخ هويتنا الوطنية العراقية، هذه الهوية المبتغاة التي تتطلب روحا تضامنية بين افراد المجتمع والمؤسسات الحكومية، لتكون صمام امان تجاه مخاطر التشظي او الوقوع، تحت سطوة مخالب الانقسامات او الحروب
الاهلية.
ولعل أهم آليات مواجهة اشكال وصور التراحع في فهم مكملات ونجاحات المجتمعات هو التمسك بالمشتركات القيمية والتاريخية لتعميق ذلك الاحساس الوطني الجمعي وتوطيد العلاقة مع الارث باعتباره أحد ضمانات التلاقي الايجابي بين المواطنين، ذات التاربخ الموحد لتجسيد صور التضامن بين فئات المحتمع وهم يقدمون رسائل لا تقبل الشك تتمثل بعشق مشتركاتهم الجمالية والتاريخية الناطقة بارثها المعماري المهدد اليوم، بفعل غياب المتابعة الجادة ( مؤسساتيا ومجتمعيا ) وهو ما يدفعنا لاطلاق صرخة استغاثة موجهة، لكل المحبي وعشاق الجمال والمتمسكين بهوية البلاد الحالمين ان تكون واحة أمل وجمال.
وفي ظل ما يحصل من عمليات هدم عشوائية للتراث المعماري، تجتهد شخصيات ومؤسسات مدنية لمتابعة ذلك بحرص مع حملة الحفاظ على الارث المعماري للتنسبق مع الجهات ذات العلاقة، لوضع علامات واضحة على البيوت والبنايات التراثية لايقاف عمليات الهدم، التي غالبا ما تحصل ليلا او في ايام العطل، تعالوا نتعاون للحفاظ على ارثنا.