التجربة الصينية والعام 2021

قضايا عربية ودولية 2021/02/24
...

السفير الصيني تشانغ تاو
يعد عام 2021 سنة ذات أهمية بالغة بالنسبة إلى الصين، لأنه قبل مئة سنة تأسس الحزب الشيوعي الصيني، ووحد هذا الحزب الشعب الصيني وقاده للخوض في الممارسات الصينية العظيمة التي تشمل مراحل الثورة والبناء والإصلاح، وحققت الصين بفضل ذلك طفرة تاريخية من النهوض ثم الاغتناء وصولا إلى تعزيز القوة،  وأحرزت الإنجازات التنموية التي يسطرها التاريخ بحروف من  نور وتلفت أنظار العالم.
قاد الحزب الشيوعي الصيني شعب الصين للوقوف على القدمين. ولدت بلاد الرافدين حضارة رائعة، كما غذى النهر الأصفر ونهر يانغتسي الحضارة الصينية الباهرة التي يبلغ عمرها 5000 عام. بعد دخول العصر الحديث، تدهورت قوة الصين، وأصبحت مجتمعا شبه استعماري وشبه إقطاعي، ووقعت في الحالة الخطيرة المتسمة بالاضطرابات الداخلية والعدوان الخارجي، وتعرضت لمخاطر هلاك الدولة وفناء الأمة. 
من أجل إنقاذ الدولة من الانهيار، كان عدد لا يحصى من أصحاب الهمم العالية قد خاضوا في الاكتشافات والنضالات البطولية الجليلة، إلا أنهم لم ينجحوا في إيجاد طريق النهضة الحقيقي للدولة والأمة. لم تحقق الصين الاستقلال الوطني وتحرر الشعب، وتؤسس جمهورية الصين الشعبية التي تتمسك بكون الشعب سيدا للبلاد، وتحدد النظام الاشتراكي الأساسي إلا بعد تأسيس الحزب الشيوعي الصيني في 1921م وقيادة هذا الحزب الشعب الصيني للخوض في النضالات المضنية التي استمرت 28 عاما، الأمر الذي غير بشكل كامل مصير الصين المأساوي الذي كان يسوده الفقر والضعف والتعرض للظلم، وأحيا الأمة الصينية من جديد، وأرسى أسسا متينة لتنمية الصين وازدهارها وتعزيز قوتها.
قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني في تحقيق الاغتناء. منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، وخاصة منذ المؤتمر الوطني الـ 18 للحزب، قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني في شق طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية على أساس الظروف الوطنية الصينية ووفقا للاحتياجات التنموية، بما يحسن معيشة الشعب بصورة واضحة، ويعزز القوة الوطنية الشاملة بشكل ملحوظ، ويخلق معجزة تنموية في تاريخ الإنسان. خلال الفترة ما بين عامي 1952 و2020، قفز الناتج المحلي الإجمالي الصيني من 67.91مليار يوان إلى 101.59 تريليون يوان (يساوي نحو14.7 تريليون دولار)، بزيادة تقريبا 200 ضعف. أصبحت الصين الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، واكبر دولة من حيث حجم قطاع التصنيع وتجارة البضائع ويحتل ناتج العديد من المنتجات الصناعية الصينية المرتبة الأولى في العالم، وأحرزت الصين الإنجازات الملحوظة في تطوير تكنولوجيا، مثل اختبار قنبلة نووية وصاروخ بنجاح وإطلاق أول قمر صناعي، وابتكار الأرز الهجين السوبر ومادة الأرتيميسينين. كما هبط المسبار” تشانغ آه” القمري على القمر، ووصلت غواصة “جيولونغ “ المأهولة إلى أعماق البحر، واستكمل نظام “بيدو” للملاحة بالأقمار الصناعية، وتم إنشاء المنظومة المتكاملة للسكك الحديد الفائقة السرعة، الأمر الذي وفر دعما قويا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني لتعزيز القوة. منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب، بغية تحقيق الهدفين المئويين والنهضة العظيمة للأمة الصينية، أجرت اللجنة المركزية للحزب ونواتها الرفيق شي جين بينغ سلسلة من الممارسات الجديدة حول الحكم والإدارة، الأمر الذي أدخل الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى عصر جديد، وجعل الصين على عتبة النصر لبناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل. وخاصة في عام 2020، على وجه الضغوط المتعددة الناجمة عن تفشي وباء كوفيد- 19 وصعود الأحادية والحمائية، كانت الصين اقتصادا رئيسيا وحيدا حافظ على النمو الاقتصادي الإيجابي في العالم، وتبلغ القيمة الإجمالية من الصادرات والواردات من البضائع 32.16 تريليون يوان،بزيادة 1.9 %، الأمر الذي أضفى الزخم الدافئ على الشتاء الاقتصادي العالمي البارد. 
في عام 2021، ستعمل الصين على إطلاق مسيرة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل، وتنفيذ مفهوم التنمية الجديدة وتشكيل نمط تنموي جديد تكون فيه الدورة الاقتصادية المحلية كالدعامة مع التفاعل الإيجابي بين الدورتين المحلية والدولية، ومواصلة الالتزام بمفهوم مجتمع المصير المشترك للبشرية، والحفاظ على نظام تجارة متعددة الأطراف، والدفع بالتشارك في بناء الحزام والطريق بجودة عالية. 
إن ميزة الصين كسوق ضخمة لها 1.4 مليار نسمة، والإمكانيات الكامنة في الطلب المحلي، ستضفي المزيد من الديناميكية على الانتعاش الاقتصادي العالمي وتطورها، ونرحب بشعوب العالم بما فيها الشعب العراقي على متن قطار التنمية الصينية السريعة.
في عام 2021، سيقود الحزب الشيوعي الصيني الشعب الصيني في السعي وراء تحقيق الحلم الصيني المتمثل في النهضة العظيمة للأمة الصينية. وفي الوقت نفسه، سيعمل الشعب العراقي على تعزيز قضية إعادة الإعمار الوطني. نحرص على المضي إلى الأمام يدا بيد مع الجانب العراقي لتحقيق التنمية المشتركة، ونعزز علاقات الشراكة الستراتيجية الصينية العراقية باستمرار، ونوطد التعاون في المجالات ذات الأولوية مثل الطاقة والبنية التحتية بصورة متزايدة، ونبذل جهودا إيجابية في ترجمة تعاون “النفط مقابل الإعمار” ومشروع ألف مدرسة على أرض الواقع في وقت مبكر. 
يقول المثل العربي إن اللغة هي الورقة، والعمل هو الفاكهة. واقفا على نقطة الانطلاق الجديدة في عام 2021، أنا على يقين بأن علاقات الشراكة الستراتيجية الصينية العراقية ستتقدم إلى الأمام باطراد، وتتمخض عن التعاون العملي الثنائي نتائج مثمرة، وسنكتب معا صفحة جديدة للصداقة بين البلدين.