يتناول كتاب (عنف الصورة: التصوير الفوتوغرافي والنزاعات الدولية)، دور الصحافة المصورة في تصوير العنف الذي يصاحب النزاعات الحديثة والمعاصرة المتنوعة. ويتميز الكتاب بتنوع مؤلفي مقالاته، وتعدد العدسات الانضباطية التي يمثلونها، وسلسلة الموضوعات التي يتضمنها، كما يقول ألكسيس يوشنيل في عرضه هذا.
ويحتوي الكتاب على 11 فصلاً وينقسم إلى ثلاثة أقسام:
•تشكيل النزاع الأهلي (ما بعد) الكولونيالي.
•السياسة والأخلاق التصويرية الفوتوغرافية عند منعطف القرن العشرين.
•والصورة "غير المستقرة": التصوير الفوتوغرافي كشاهد وازدواج.
وتفتتح مقالة كريستينا تومي الكتاب بتفحّص تاريخي لاستعمال آلة تصوير كوداك، وصور الفظاعة، وحب الخير والإصلاح الاجتماعي الغربي وتأثيره على مفاهيم حقوق الإنسان خلال حكم ليوبولد ملك بلجيكا لـ "دولة الكونغو الحرة" (1885 ــ 1908). وكان ليوبولد يستخدم شعب الكونغو بوحشية لاستخلاص الموارد الطبيعية، ويشوّه الأفراد الذين لا يؤدون الحصة المقررة عليهم من الإنتاج، وغير ذلك من الفظاعات الأخرى. وكان المبشّرون المبعوثون إلى هناك يوثّقون فوتوغرافياً معاناة الكونغوليين، من أجل إسناد حملات الإصلاح في الغرب.
وتتضمن المقالات الثلاث التالية في هذا القسم من الكتاب تحليلات مدققة لدور الصور في الحرب في فييتنام، والنزاع في أيرلندة الشمالية، والحرب الأهلية الجزائرية. وجاء في عرض بوشنيل للقسم الثاني من الكتاب: السياسة والأخلاق التصويرية الفوتوغرافية عند منعطف القرن العشرين، أن الكتابة زمنياً تُكمل العمل الذي يؤدى في الفروع المعرفية الأخرى المتعلقة بالمكان والعنف، خاصةً عمل المعماري أيال ويزمان، الذي يوثّق استخدام البناء كطريقة للاحتلال والعنف في الضفة الغربية وغزة. وتستعمل أريلا أزولَي هنا، في فصلها الخاص بالبنية التحتية للنزاع ومكانيته، صوراً فوتوغرافية لتبيان جوانب من الاستخدامات الزمانية والمكانية للعنف في "الكوارث التي تُحدثها الأنظمة الحاكمة". وتصف أزولَي هذه الكوارث كنزاعات "مستمرة وتؤثّر بثبات في قسم محدد من السكان تحت حكم نظام يميّز بين الجماعات كمواطنين وغير مواطنين." وتستخدم أزولَي صور الخراب وتدمير البنية التحتية في الضفة الغربية وغزة لتوضيح ما تدعوه بـ "التدمير التحتي"، وتقصد به لا التدمير السطحي المحدد بمكان معين أو آخر، وإنما ظاهرة انتشارية ليس هناك مكان فيها مستثنى من التدمير. ويجدر بالذكر هنا، أن الصور الفوتوغرافية تُظهر الطبيعة العنيفة للنزاع من دون استخدام الضحايا فيها.
أما القسم الأخير من الكتاب، "الصورة ‘غير المستقرة’: التصوير الفوتوغرافي كشاهد وازدواج"، فيتألف من فصول تناقش موضوعاتٍ مثل الاستخدام الأخلاقي لصور العنف (كشريط صور قتل القذافي)، والدور البارز للتكنولوجيا ووسائل الإعلام الاجتماعي، وقضايا وموثوقية صور الهواة.
ويناقش فصل بول لو "الشهادة witnessing" في التصوير الفوتوغرافي ويتحرى القضايا الأخلاقية للتضحية المعادة واستغلال المعاناة. ويقدم حلولاً لتوثيق الأذى من خلال صور فوتوغرافية تشير إلى العنف وليس إلى المشاهد العنيفة لمرتكبي الأذى والضحايا.
ويمكن القول إنّ المساهمين في هذا الكتاب يواجهون من نواحٍ كثيرة مقاربة سائدة للصحافة المصورة في القرن العشرين، يوضحها لايام كينيدي وكيتلين باتريك بالسعي لمزاوجة "دمقرطة رؤى الاندماجات الإنسانية مع عولمةٍ متخيَّلة للضمير". كما تجدر الإشارة أيضاً إلى فصل ويندي كوزول المتعلق بصور النساء في الحرب في أفغانستان والابتداعات الغربية لحكايات حقوق
النساء.
وإجمالاً، فإنّ (عنف الصورة) هذا كتاب جيد في تأليفه وتحفيزه القراء على التفكير بما يتضمنه من قضايا وأفكار، إذ يغطي الكثير من النزاعات والمفاهيم. كما أنّه يتوجّه بذلك نحو جمهور متنوع من القراء، بمن فيهم أولئك المهتمين بالتاريخ، والتصوير الفوتوغرافي، والدراسات الثقافية، والجماليات، والاتصالات، وحقوق الإنسان.
عن / London School of Economics