شمخي جبر
عيد الشجرة أو عيد النوروز الذي يحتفل به العراقيون القدماء في بلاد ما بين النهرين، امتد الاحتفال به خلال العصور الاسلامية و حتى الوقت الحالي، إذ يعبر عنه بروح الفرح والاحتفال بقدوم الربيع .
يحتل يوم (21 ) آذار مكانة مهمة في الحضارة الرافدينية القديمة، فهو عيد مقدس لدى السومريين كما يقول الباحثون، ويعد اليوم الحقيقي لبداية السنة لدى العراقيين القدماء، الذين يعتقدون انَّ في هذا اليوم تتساوى ساعات الليل والنهار وتدخل السنة الجديدة لهذا يسميه أهل الجنوب العراقي (الدخول) .
وهذا اليوم لدى بلاد وادي الرافدين هو بداية الانقلاب الربيعي وبداية الزراعة واخضرار الارض (لهذا يسمونه عيد الشجرة)، وتقام فيه احتفالات كبيرة لدى السومريين وتقدم القرابين وتقام الصلوات للآلهة في هذا اليوم. وفي مدن جنوب العراق (بلاد سومر) ما زالت تقام الاحتفالات والأفراح في هذا اليوم، فضلا عن زيارة الأضرحة المقدسة المنتشرة هناك . في عيد النوروز (21 آذار) تحتفل العديد من الأمم والشعوب المجاورة بهذا اليوم (في إيران والدول المجاورة كأفغانستان وتركيا ويحتفل به الكرد خاصةً في شمال العراق، ويعد عطلة رسمية في إيران وأذربيجان، والعراق وقرغيزستان) وهو جزء من الثقافة المشتركة لشعوب المنطقة وتأثيرات الديانات القديمة لدى الشرقيين .
ففي إيران تقام الاحتفالات وتتعطل الحياة لعدة أيام، بوصفه يوم رأس السنة الإيرانية، كما يتم الاحتفال بهذا اليوم و بشكل واسع في إقليم كردستان .
ويعد نوروز، العيد الوحيد الذي تحتفي به قوميات وأديان وشعوب مختلفة عبر القارات . وهو عطلة رسمية في كثير من البلدان، مثل إيران والعراق و قرغيزستان وأذربيجان، كما يُحتفل به في تركمانستان و طاجيكستان وأوزبكستان وكازاخستان ومقدونيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وولاية كوجارات الهندية وشمال غرب الصين . وبالرغم من أن عيد النوروز عيد ديني عند العديد من الشعوب، إلّا أنَّ الكرد (في العراق وسوريا وتركيا و إيران) يعدونه عيدا قوميا، له رمزية في النضال من أجل نيل حقوقهم القومية ويحتفلون به من خلال الرقص وإشعال النيران . ويمكن أنْ يُعَدّ عيد النوروز تعبيراً عن الوحدة الثقافية أو المشترك الثقافي بين شعوب المنطقة، وهو امتداد لموروثها الثقافي والديني والشعبي.
وبقدر تعلق الامر بالعراق فإن هذا اليوم والاحتفال به هو فرصة للتعبير عن التنوع الثقافي والديني العراقي، الذي يحتاج الى رعاية واهتمام وادارة ليصبح لحظة عراقية مهمة للتأسيس لقيم السلام والتعايش واحترام الاختلاف والتعدد والتنوع بأشكاله كافة.