بغداد : قاسم موزان
ليس سهلاً أن يحجر الانسان نفسه داخل منزله وينزوي في زاوية ضيقة، ويمارس التباعد المكاني قسراً والاجتماعي، فضلا عن انقطاع رزقه اليومي كل ذلك بسبب تفشي جائحة كورونا التي وضعت الخارطة الكونية تحت اشتراطاتها القاتلة، كيف ينظر المختصون والكتاب
الى هذه المسألة ؟
اشارت د. مروج مظهر عباس، استاذة علم الاجتماع في كلية
التربية المفتوحة، الى أن «الحظر الاجتماعي يعده المتخصصون في المجال الصحي امراً في غاية الأهمية، لتفادي انتشار الفيروس والحفاظ على الصحة، فضلاً عن مساعدة الجهات الصحية وحمايتها من ارتفاع معدل الإصابة والوفيات بالمستوى الذي لا يمكن التعامل معه بكفاءة، لذا لابد من اتخاذ تدابير وقائية تحمي المجتمع لمواجهة اكثر التحديات صعوبة
في الوقت الحاضر، لما يسببه من
إصابة الملايين ووفاة المئات لذلك لا يمكن وصف هذا التحدي بالازمة الصحية، بل ازمة إنسانية ذات تأثير في الرفاه الاجتماعي والاقتصادي الى حد الانهيار».
قوة الأعراض
تقول الطبيبة والناشطة المدنية مها الصكبان، «الإصابة بالأمراض النفسية تكون عامة وتتفاوت قوة الأعراض من شخص لآخر، والأطفال يكونون
أكثر عرضة للإصابة بها نتيجة
الحظر والتباعد الاجتماعي، لان الطفل يحتاج إلى الاختلاط مع الابوين وحنانهما، إذ يتعلق الطفل بهما في العادة، و قد يتعرض إلى مضاعفات أخرى مثل توقف النمو والتطور في وظائف الدماغ أو تبدأ أعراض أخرى بالظهور عليه مثل الأكل القليل ما يؤدي إلى الهزال أو الأكل بشراهة ما يؤدي
إلى السمنة وهناك أعراض نفسية أخرى مثل الانطواء والكذب وكبت المشاعر أو العنف وفرط الحركة، لذا فإن
وجود الباحث النفسي في جميع مؤسسات الدولة الصحية أصبح ضرورياً».
قلق وجودي
وقال الكاتب والمختص بعلم النفس طه الخزرجي «ما يميز جمالية حياتنا تلك الشوارع الجميلة والحميمية الاجتماعية للمجموعات الثقافية او المهنية وهذا التواصل الراقي او ما نسميه الحس الحضاري العالي للبشرية الذي يميزها عن باقي الكائنات، الذي يقودنا الى (متعة الحياة) فكيف ان حجرنا فان اول ما تتأثر متعة الحياة وتسير بعدها بهذه الروتينية وان الحجر خبر غير سار ومؤثر سلبي أن تضع للانسان
قيدا وفوق هذا القيد فيروس يهدد حياته، لا نمتلك المعلومات واللقاح والعلاج له باتت المسألة معقدة،
انت مهدد جسديا ونفسيا بالتباعد الاجتماعي وبات الاضطراب السايكوسوماتي يتجلى بالعديد من الاضطرابات النفسية مثل القلق وما يمثله من تهديد نفسي، والمشكلة الاكبر للذين يعانون اصلا من القلق وخاصة القلق
الوجودي المجهول المصدر، يضاف له دافع الخوف من مصدر معلوم الا وهو الفيروس فتكون مشكلات مركبة ومعقدة».
كسبة
وبين الكاتب زهير الجبوري أن «للحظر جوانب بيئية وصحية ونفسية، لابد من الأخذ بها، غير أن واقعنا قد يكون استثنائيا، لأننا نتعامل مع المحنة الوبائية لمدة زادت على السنة، وهذا مؤشر خطير .. بمعنى أن باقي الشعوب في العالم استطاعت في الأغلب تحديد مناطق مقاومته او العمل على مقاومته، وفي العراق لا توجد خطة تطبق بشيء من العلمية من خلال استحداث ما هو مطلوب من منشآت ولجان طبية ملائمة، مسألة الوباء وكيفية التعامل معه في ظل الأحداث الحالية، لابد أن تكون مدروسة من الناحية الاجتماعية قبل الطبية، لان الكثير من طبقات المجتمع العراقي هم من الكسبة ويعتمدون في معيشتهم على القوت اليومي».
انجاز مؤجل
في السياق ذاته اوضح الكاتب والناقد علي سعدون «يفصح التأثير المباشر الناجم عن حظر التجوال بسبب تفشي الوباء، عن حالات ايجابية يقف بمقدمتها الوقت الطويل الذي يمكن الكاتب من انجاز اكثر من مادة مؤجلة بسبب ضغط الحياة وعدم وجود وقت كاف لإنجازها، اضافة الى القراءة العميقة التي يحتاجها الانسان بشكل عام للاطلاع والمؤانسة مع الكتاب، فضلا عن ذلك كله توافر الوقت الكافي لإعادة اللحمة مع الاسرة والانهماك معهم بما ينشغلون فيه، وهو ما لم يحصل دائما في الاوقات العادية التي تسبق الحظر، مثلما هي فرصة للتأمل العميق واستشراف المستقبل وتجاوز المشكلات الصغيرة التي يمكن تجاوزها بالحلول الممكنة».
التعليم
يعتقد د. حليم كاظم محمد أن الحجر يدفع الناس الى نوع من الهستيريا ولو بدرجات متفاوتة، كما ان حرمان الافراد من مصدر الرزق يخلق قلقا وغضبا، اذ يتعرضون لضغط من قبل اسرهم، خصوصا من يكسب رزقه يوما بيوم، الجائحة خلقت التعليم عن بعد وهذا سيؤسس لنظام تعليمي غير
مألوف، وتواجد الاطفال في البيت والتعلم عن بعد هو الاخر يخلق شخصيات جديدة.