بعد الانتصار الكامل على الفقر في الصين..الانطلاق نحو مسيرة مئوية جديدة..
قضايا عربية ودولية
2021/03/22
+A
-A
تشانغ تاو
تعد مكافحة الفقر دائما قضية مهمة لإدارة البلاد والحفاظ على استقرارها في العالم. إن تاريخ الصين ملي بمعارك الأمة ضد الفقر. بعد دخول العصر الحديث، شهدت الصين التوتر السياسي والحروب المتكررة والعيش البائس بسبب الحكم الإقطاعي المتفسخ وعدوان الدول الغربية القوية، الأمر الذي جعل كابوس الفقر يربك الشعب الصيني بصورة خطرة، فأصبح التخلص من الفقر حلما يسعى وراءه الشعب باجتهاد، ومثل مضمونا مهما للحلم الصيني المتمثل في النهضة العظيمة للأمة.
اتخذ الحزب الشيوعي الصيني منذ تأسيسه تحقيق الرفاهية للشعب والنهضة للأمة الصينية غايته الأصلية، وقاد الشعب للخوض في الكفاحات المضنية والطويلة من أجل خلق الحياة الجميلة. قاوم الحزب والشعب الصعوبات والمعوقات، وأنجزا مهمات صعبة للغاية حول مكافحة الفقر واحدة تلو الأخرى، وحققا إنجازات كبرى وتاريخية في القضاء على الفقر. خاصة منذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب، وضعت اللجنة المركزية للحزب مهمة القضاء على الفقر في المكان البارز لحكم البلاد وإدارتها، وحددتها كمهمة أساسية لبناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، ونظمت حروبا شعبية واسعة النطاق ضد الفقر، حيث بذل الملايين من الكوادر قصارى الجهود لإنجاز هذه المهمة بجد واجتهاد، وضحى أكثر من 1800 رفيق بحياتهم في المعركة ضد الفقر. إن معيار التخلص من الفقر في الصين معيار شامل متعدد الأبعاد يحتوي على مؤشر معدل الدخل الفردي، فضلا عن مستوى توفر الغذاء والكساء والتعليم الإلزامي وضمان الرعاية الطبية الأساسية والإسكان باعتبارها متطلبات أساسية ومؤشرات جوهرية لتقييم التخلص من الفقر من عدمه. يتطابق المعيار الصيني بشأن التخلص من الفقر مع مستوى تنميتها الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام، ويفوق معيار الفقر الذي حدده البند الدولي في عام2015م كـ 1.9 دولار أميركي لكل شخص يوميا، ويفوق خط الفقر المطلق كليا النسب التي حددتها أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 للأمم المتحدة.
بفضل الجهود المضنية، تخلص سنويا أكثر من 10 ملايين من الأشخاص من الفقر في الصين خلال السنوات الثماني والنيف الماضية، وهذا العدد بمثابة النسبة الإجمالية لدولة متوسطة الحجم. تخلص جميع الفقراء في الأرياف البالغ عددهم 98 مليونا و990 من الفقر، وأزيلت وصمة الفقر عن جميع المحافظات والقرى الفقيرة البالغة عددها 832 و128 ألف، الامر الذي أدى إلى تسوية مشكلة الفقر الكلي الإقليمي. تلقى أكثر من 20 مليون مريض فقير العلاج حسب التخصصات، ويتمتع ما يقرب من 20 مليون ساكن فقير بضمان الحد الأدنى من المعيشة والمساعدة المخصصة للأشخاص الذين يعانون من الفقر الشديد، وحصل أكثر من 24 مليون معاق يعيشون حياة صعبة ويعانون من الإعاقة الشديدة على الدعم المالي للعيش والرعاية الطبية. كما وصلت نسبة إمداد الكهرباء في المناطق الفقيرة إلى 99 %، وتجاوزت نسبة توصيل الألياف البصرية وشبكة الجيل الرابع إلى المنازل في القرى الفقيرة 98 %، وتمت إعادة تأهيل المنازل المتداعية لـ 7 ملايين و900 ألف أسرة و25 مليونا و680 ألف ساكن فقير، ونقلهم إلى المنازل الجديدة.
تمكنا من إيجاد طريق التخلص من الفقر ذي الخصائص الصينية اعتمادا على الظروف الوطنية الصينية وتمسكا بقواعد التخلص من الفقر. إن مساعدة الفقراء من خلال التدابير الدقيقة سلاحنا الساحر لإحراز الانتصار في المعركة ضد الفقر، وسياسة مساعدة الفقراء الموجهة نحو التنمية ميزة واضحة لطريق التخفيف من حدة الفقر ذي الخصائص الصينية. أنشأنا النظام الوطني لتسجيل المعلومات لضمان استفادة الفقراء والمناطق الفقيرة من المصادر المخصصة لهم. نتمسك باتخاذ التنمية كطريقة أساسية لمعالجة مشكلات الفقر، ونعمل على تحسين الظروف التنموية وتعزيز القدرة على التنمية لتحويل نمط " نقل الدم" من مساعدة الفقراء إلى نمط "تكوين الدم" من دعم الفقراء، بما يجعل التنمية طريقة أكثر فعالية واستقرارا للقضاء على الفقر وخلق الحياة السعيدة.
إن تخلص جميع الفقراء في الأرياف من الفقر أمر قدم مساهمات حاسمة في تحقيق هدف بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل في الصين، وخلق النموذج الصيني حول التخفيف من حدة الفقر، الأمر الذي وفر مساهمات مهمة في القضية العالمية لمكافحة الفقر. في ظل استمرار مشكلات الفقر الخطيرة وتزايد الفجوة بين الفقراء والأغنياء في بعض الدول، حققت الصين هدف التخفيف من حدة الفقر المدرج في أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030 قبل الموعد المحدد بعشر سنوات، وعملت على إجراء التعاون الدولي لمكافحة الفقر بنشاط، والتزمت بمسؤوليتها الدولية بشأن التخفيف من حدة الفقر، وقدمت المساعدات إلى الدول النامية على قدر استطاعتها، الأمر الذي دفع بقوة تنمية قضية مكافحة الفقر في العالم، وتلقى تقدير واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي.
يرمز إحراز الانتصار الشامل في المعركة ضد الفقر خطوة كبيرة ومتينة خطتها الصين على طريق خلق الحياة السعيدة وتحقيق الرخاء المشترك، لكن القضاء على الفقر لا يعني الانتهاء من أعمالنا، بل يعد المربع الأول لخلق حياة جديدة بكفاح جديد، ولا تزال أمامنا مهمة شاقة وطريق طويل لمعالجة مشكلات التنمية غير المتوازنة والكافية، وتضييق الفجوة التنموية بين المدن والأرياف، وتحقيق التنمية الشاملة للإنسان والرخاء المشترك للجميع.
الحفاظ على النجاح أصعب من النجاح نفسه، فالصين تشهد الآن تحولا من القضاء على الفقر المطلق إلى تحقيق النهضة للأرياف. في المرحلة المقبلة، سنعمل على سلك طريق نهضة الأرياف الاشتراكي ذي الخصائص الصينية حسب الظروف والمتطلبات الجديدة الناجمة عن الاعتماد على مرحلة التنمية الجديدة وتنفيذ مفهومها اوبناء معادلتها، ونبذل جهود أكبر لتعزيز إحساس أبناء الشعب بالكسب والسعادة والأمن سعيا وراء تحقيق الهدف المئوي الثاني بهمة وشجاعة.
إن الصين لا تستغني عن العالم في تنميتها، كما أن ازدهار العالم يحتاج إلى الصين. إذ ستنتهج الصين ستراتيجية الانفتاح والكسب المشترك بلا تزعزع، وتستمد الطاقة الحافزة للتنمية من العالم، وتفيد العالم بصورة أفضل بتنمية الصين في الوقت نفسه. تعد الصين والعراق صديقين حميمين وشريكين عزيزين. نحرص على مواصلة تعزيز الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين، والمشاركة في عملية إعادة إعمار العراق بنشاط، وتعميق تعاون البلدين في إطار بناء " الحزام والطريق"، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق. كما نستعد لبذل جهود مشتركة مع المجتمع الدولي بما فيه العراق في تعزيز القضية العالمية بشأن التخفيف من حدة الفقر وتقديم مساهمات أكبر في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية الذي يبعد عن الفقر ويسوده الرخاء المتاح
للجميع.
السفير الصيني لدى العراق