عبدالزهرة محمد الهنداوي
يمثل العَلم او الراية رمزا مهما، وربما مقدس، لأي بلد او منظمة او عشيرة كما هو الحال عندنا .
وللرمزية الكبيرة، والقدسية التي يجسدها العلم، فقد حدثت الكثير من المشكلات، ادت الى نشوب معارك وحروب في بعض الاحيان، نتيجة عدم احترام، علم دولة من قبل دولة اخرى، ما يُعد اهانة في نظر الجانب الآخر.
ولهذا تُبدي بلدان العالم حرصا وانتباها الى اعلام البلدان الاخرى، التي يأتي ممثلوها بدعوة رسمية لحضور مؤتمر او اجراء لقاءات، ويظهر هذا الحرص من خلال رفع علم دولة الضيف في الساحات العامة وقاعات المؤتمرات، خصوصا اذا كان الضيف بمستوى رفيع (رئيس او ملك او امير)..
ولكن على الرغم من هذا الاهتمام تحدث في كثير من الاحيان اخطاء بروتكولية، في رفع علم دولة الضيف، وهذه الاخطاء في الغالب غير مقصودة، مثل وضع علم قديم، قد يثير حفيظة الضيف، وفي احيان قليلة، تكون تلك الاخطاء مقصودة، يهدف الطرف المضيّف، من خلالها، إيصال رسالة ما الى ضيفه، وهنا قد تكون تداعيات هذا السلوك غير محمودة العواقب ولا معروفة النهايات، خصوصا إذا كانت دولة الضيف مرهوبة الجانب، وتبحث عن "حكة خشم"!
أما نحن في العراق، فقد واجهنا الكثير من هذه المواقف، خلال السنوات العشر الأخيرة، بعد تغيير العلم العراقي عام 2008، ومثل هذه المواقف حدثت مع مسؤولين ووفود عراقية رسمية خلال زياراتها إلى بلدان أخرى، فكان ان يتم رفع العلم القديم، وربما كان ذلك مبررا في الأشهر الاولى لتغيير العلم، ولكن هذه الأخطاء استمرت إلى يومنا هذا، وكان اخرها، هو الموقف الذي حدث مع وزير الزراعة العراقي، خلال حضوره اجتماعا مع نظيره الاردني في عمان، حيث تم وضع العلم القديم، ما اثار استياء وسخطا واسعا في مختلف الأوساط العراقية.
وهنا يأتي السؤال، هل يتحمل الوزير او الضيف مسؤولية مثل هذا الخطأ؟، كلا بالتأكيد، طيب، هل يتحملها المضيف؟، ربما نعم، اذ كان من الاولى به التأكد من الأمر قبل وصول الضيف، إذن من يتحمل المسؤولية الأكبر، ومعالجة مثل هذه الأخطاء، بصرف النظر في ما إذا كانت مقصودة ام عفوية؟ بالتأكيد ان السفارة في البلد المضيف، تتحمل مثل هذه المسؤولية، فينبغي ان تكون موجودة في جميع التفاصيل، وتراقب بدقة، كل مجريات الأمور، لمعالجة وتلافي اي خلل، قد يؤدي إلى حدوث مشكلة كبيرة بين البلدين، بلحاظ تداعيات الموقف الأخير، وموجة الغضب العارمة التي سادت أوساطًا واسعة في العراق، كما ان على السفارة، تزويد وزارات ومؤسسات الدولة التي تعمل فيها بالعلم المعتمد، لقطع الطريق أمام أي خطأ مقصود أو غير مقصود، اليس كذلك؟