د.عبد الواحد مشعل
يعد العامل الديموغرافي من أهم العوامل التي حظيت باهتمام علماء علم اجتماع السكان لمعرفة تأثيره في التنمية الإنسانية على وفق توزيع السكان على خريطة البلاد، وطالما كانت الجماعات الاجتماعية وخصائصها الثقافي، تلعب دورا محوريا في رسم رغبات هذه الجماعات وتطلعاتها على وفق حاجاتها الاجتماعية في إطار رغبتها في الحفاظ على هويتها، وبهذا فإن عملية التفاعل الاجتماعي في احدى عملياتها والمتمثلة بالتمثيل للثقافة الجامعة في المجتمع جعلت من العامل الديموغرافي متغيرا حيويا في هذا التمثل، فكل ما صغرت الجماعة الاجتماعية ولنقل الأقلية كما كانت أكثر قدرة على تمثيل ثقافة المجتمع الكبير، وكلما كبرت بنت لنفسها إطارا اجتماعيا وثقافيا يحاول أن يجد لنفسه نوعا من التميز، معتمدا على العامل الديموغرافي في المجتمع من حيث حجم السكان، والمجتمع العراقي من المجتمعات التي تتميز بهذا التنوع الثقافي وتعدد الجماعات الاجتماعية وحدودها الثقافية وما يصيبها من تغير، لذا يعد هذا العامل متغيرا أساسيا في فهم حدود الجماعات الاجتماعية والتغيرات الثقافية الجارية في عالم يتميز بالتغير والتبدل.
يعاني المجتمع العراقي من مشكلات كبيرة في المجالات المختلفة، أبرزها غياب التعداد العام للسكان منذ فترة طويلة، ما جعل حساب السكان فيه يقوم على أساس التقديرات أو التخمينات أو الاعتماد على بعض الجهود الإحصائية، ومع هذا لم يتمكن العراق خلال الفترة الماضية من إحصاء شامل يشمل النفوس والمباني والقطاعات الصناعية والزراعية والبنى التحتية وغيرها، وهي نواحٍ حيوية يشملها التعداد العام للسكان، للوقوف على حاجات المجتمع الإنسانية والمادية، ما جعل نقص البيانات الأزمة في المجالات أعلاه وغيرها، من أكثر المعوقات التنموية التي وضعت البلاد إمام تحدٍ حقيقي يعيق تقديم إي
رؤية متكاملة لأي خطة تنموية ناجحة، لذا ينبغي إعطاء العامل الديموغرافي أهمية قصوى والعمل على إجراء تعداد سكاني بإجراءات وآليات مهنية لفهم حدود التغيرات الثقافية المتوقعة في المجتمع العراقي، كمتغير أساسي في رسم خط التنمية في العراق على وفق المعطيات المتوفرة من دراسات وجهود وزراة التخطيط والتعاون الإنمائي في هذا الميدان، لرسم خريطة بحثية لمعرفة حجم التأثير الديموغرافي في تقييم الواقع العراقي من اجل فهم احتياجاته الحاضرة المستقبلية.