محمد حسن الساعدي
منذ تولي حكومة السيد الكاظمي في نيسان الماضي، بعد استقالة حكومة عبد المهدي على إثر التظاهرات التي حصلت في مدن عراقية جنوبية، والبلاد تعيش حالة من الفوران الدائم، ولا تهدأ تظاهرة إلا واندلعت أخرى، لتعكس حالة التدهور الذي يعيشه البلد في ظل التخبط الواضح، للسياسة الحكومية تجاه المشكلات التي نعاني منها، لذلك تصاعدت الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة، بأمل حلحلة الإنسداد الذي تواجهه العملية السياسية ككل، وأوكلت المهمة للسيد الكاظمي هذه، على أن تتم وفق توقيتات زمنية ثابتة، والاستعداد وتقديم جميع مقدمات هذه الانتخابات من تشكيل للمحكمة الاتحادية وقانون المفوضية، إلى تشكيل المفوضية العليا للانتخابات وغيرها من المتطلبات لاجرائها.
تواجه الانتخابات التشريعية في العراق تحديات جدية، يمكن لها أن تحول دون إجرائها كاستحقاق نزيه يطمح إليه الجميع، في ظل واقع الفساد، الذي ينخر مؤسسات الدولة ويهدد الانتخابات، كما أن السلاح المنفلت هو الآخر يعد التهديد الأبرز لإجراء أي عملية انتخابية نزيهة، وعلى الرغم من تشريع مجلس النواب قانون الانتخابات، لكن ما زال الجدل دائرا حول بعض فقراته.
بعض الكتل السياسية ليس من مصلحتها إجراء انتخابات مبكرة، خصوصاً أنها أخذت استحقاقها كاملاً، سواءً في حكومة السيد الكاظمي أو من خلال البرلمان بعدد المقاعد، لذلك تلجأ إلى المناورة وعرقلة إجرائها في الموعد المحدد، كما أن قدرة الحكومة على إتمام متطلبات الانتخابات المبكرة، لا تتوقف على السلطة التنفيذية وحسب، بل على السلطات جميعها، وهناك أكثر من معوّق سياسية أمام اجرائها، ومع ذلك فإن الحكومة مُلزمة بتوفير الدعم اللوجستي لمفوضية الانتخابات، وما يرتبط بالخطة الأمنية الخاصة بيوم الاقتراع، إلى جانب الدعم الأممي الذي سيكون حاضراً في عملية المتابعة
والإشراف .إن قراءة الواقع السياسي بكل تفاصيله وتعقيداته يجعلنا نقف أمام ثلاثة سيناريوهات:
1 - أن تجرى انتخابات مبكرة عام 2021 سواء في بدايتها أو وسطها أو نهايتها، ولكن هذا الاحتمال ضعيف، وهي ممكنة في الجانب النظري ولكن لها صعوباتها في الجانب
العملي.
2 - عدم إجرائها في موعدها المحدد في تشرين من العام الحالي، ويصار إلى إجرائها في موعدها المنصوص عليه دستورياً، بحجة العمل لتذليل كل العقبات التي تقف عائقاً أمام
إجرائها.
3- أن تؤجل الانتخابات الدورية إلى عام أو أكثر؛ لوجود التحديات التي تواجه الانتخابات المبكرة، وهذا الأمر مستبعد تماماً بسبب الظروف السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد، والوصول إلى حالة الانسداد السياسي.
في ظل تلك المشكلات والتخبط في القرارات السيادية، التي تهم أمن ومصلحة المواطن، لايمكن التكهن بالقادم، خصوصاً أن البلاد تنتقل من أزمة إلى أخرى، حتى صارت سلسلة أزمات متشابكة لا يمكن حلها، ويتحمل الساسة الجزء الأكبر من المسؤولية فيها، وعما وصل إليه البلد من وضع خطير، ناهيك عن سكوت الشعب العراقي، عن المطالبة بحقوقه لأن الإرادة يمتلكها الشعب وحده وليس
غيره.