كان للعراق ولا يزال عمق وثقل ستراتيجيين في المنطقة، حيث الثروات والموارد البشرية الغنية والوفيرة والموقع الجغرافي المميز والتي تسمح له بأن يكون موقع قوة وجذب للموارد والثروات العربية الاخرى وتوظيفها في برنامج سياسي واقتصادي فاعل وكبير يخدم العراق ودول المنطقة.
التحرك الاخير الذي قام به السيد رئيس مجلس الوزراء يعكس رؤية عراقية جديدة تقوم على التحرك نحو المحيط العربي بشقيه الخليجي وغير الخليجي لتشكيل تفاهمات عراقية عربية متعددة وفي مختلف المجالات، وخصوصا الاقتصادية منها، حيث الحاجة الماسة لذلك والتي تنطلق من احتياجات واعادة تركيز الثروات والموارد نحو قنوات اقتصادية تجعل العراق ودول المنطقة تنهض اقتصاديا، ويمكن ان تتحول هذه التجمعات لاحقا الى اتحادات عربية جديدة شبيهة بالاتحاد الاوروبي الذي انقذ القارة الاوروبية في وقت مناسب بعد الحرب العالمية الثانية التي انهكتها واعاد لها الحياة ومنحها القوة، حين اصبحت بفضل هذا التجمع السياسي والاقتصادي الموحد قوة عملاقة لها وزنها الكبير في العالم.
هذا المشروع والرؤية الواعدة عربيا ومشرقيا بمبادرة عراقية يأتي في وقت مناسيب ووسط ظروف تبدو ملائمة لانطلاقه، خصوصا وان العديد من دول المنطقة العربية تدرك الحاجة الى مشاريع ومبادرات اقتصادية وسياسية في ظل تحديات عديدة تواجهها وتحتاج الى هذا التضامن لمواجهتها ولاعادة ترتيب اولوياتها.
المنطقة العربية الخارجة من ازمة سياسية لما بعد مرحلة الربيع العربي التي شهدت سقوط وتواري الانظمة العربية الحاكمة الدكتاتورية السابقة والتي هزت تداعياتها معظم دول المنطقة وبات عدد منها يعاني من مشكلات أمنية وسياسية واقتصادية، كمثل ليبيا وسوريا واليمن بينما اعادت مصر وتونس والسودان والجزائر ترتيب أوراق سلمها الداخلي وحافظت على استقرارها نتيجة لسياسة ناجحة في تطويق تداعيات ثورات الربيع الذي حدث داخل
بلدانها.
العراق الذاهب نحو الاستقرار والخارج من تجربة حكم دكتاتوري سابقة ومريرة يملك مؤهلات إدارة دفة المرحلة الجديدة من التضامن العربي المدعوم بافكار وطروحات اقتصادية وسياسية تقوم على الشراكة والتعاون ونبذ الخلافات وتسوية المشاكل والنزاعات التي تعيق انطلاق هذا المشروع، خصوصا وان فقدان هذا التضامن يمكن ان يجعل بلدان المنطقة مكشوفة امام خصومها، كما يحصل حاليا من ازمة سد النهضة الاثيوبي الذي يهدد كلا من مصر والسودان بالجفاف في حال اتمامه، فضلا عن ايجاد حل سلمي لازمة اليمن تريح شعبه الجريح والمنهك من هذه
الحرب.
