سعاد البياتي
ما أن يحل علينا شهر رمضان المبارك حتى تطفو الى سطح الذاكرة أهمية مساعدة الفقراء والشفقة عليهم في هذا الشهر، ربما لأننا ننفق على موائدنا وعيالنا أكثر في هذا الشهر؛ عملا بالسنة النبوية المطهرة. ومعها ينظر المسلم لحال الضعفاء الذين لا يملكون قوت يومهم، فيهديه عقله الى ضرورة المبادرة والبحث عن وسائل ايصال الصدقات والمساعدات للفقراء.
فللصدقة شأن عظيم في الإسلام، فهي من أوضح الدلالات، وأصدق العلامات على صدق إيمان المتصدق؛ وذلك لما جبلت عليه النفوس من حب المال والسعي إلى كنزه، فمن أنفق ماله وخالف ما جبِل عليه، كان ذلك برهان إيمانه وصحة يقينه، ويقال إن الصدقة برهان على صحة إيمان المؤمن هذا إذا نوى بها وجه ربه، ولم يقصد بها رياء أو سمعة. ولأجل هذا جاءت النصوص الكثيرة التي تبين فضائل الصدقة والإنفاق في سبيل الله، وتحث المسلم على البذل والعطاء ابتغاء الأجر منه عز وجل.
فقد جعل تعالى الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباده المحسنين، فقال عنهم: (إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) (الذاريات:16 وما بعدها)، ووعد سبحانه، بالخير لمن أنفق من ماله في سبيل الله، ووعد بمضاعفة العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافا كثيرة، فقال: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) (البقرة:245).
وفي السنة النبوية المطهرة كثير من الأحاديث التي تحث على الصدقة، وتبين ثوابها وأجرها، فتقر بها أعين المؤمنين، وتهنئ بها نفوس المتصدقين، ومن ذلك أنها من أفضل الأعمال وأحبها إلى الخالق عز وجل، ففي الحديث الشريف: (إن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كربا، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا).
والصدقة ترفع صاحبها، حتى توصله أعلى المنازل، فقال (ص): (إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل).
وهي تدفع عن صاحبها المصائب، وتنجيه من الشدائد، فقال (ص): (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة). وأكدت السنة النبوية أهمية أجر الصدقة، ومضاعفة ثوابها، ففي مضمون حديث شريف: (ما تصدق أحد بصدقة من طيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كان تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل..). وقوله (ص): الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
وهي من أعظم أسباب بركة المال، وزيادة الرزق، والتعويض على صاحبها بما هو أحسن. كما أنها وقاية من عذاب الآخرة، فقال (ص): اتقوا النار ولو بشق تمرة. وهي دليل على صدق الإيمان، وقوة اليقين، وحسن الظن برب العالمين، إلى غير ذلك من الفضائل الكثيرة، التي تجعل المؤمن يتطلع إلى الأجر، ويصير قويا أمام نوازع الشيطان الذي يخوفه الفقر، ويزين له والبخل، حسب الآية: (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم) (البقرة).