في روايته الجديدة (اولغا) المترجمة عن الالمانية من قبل بيرنار لوتهولاري الصادرة مؤخرا عن دار غاليمار للنشر في (272) صفحة، رسم الكاتب الالماني بيرنهارد شيلينك صورة جميلة لامرأة تعاني من عذاب القرن العشرين ..
يصوّر الكاتـــــــــــــــــب والخبيــــــــــــر والبروفسور المتخصص في القانون العام بيرنهارد شيلينك - الرجل النبيل الأنيق البالغ من العمر 74 عاما - ألمانيا في القرن العشرين من خلال بطلته الجميلة (أولغا) المأخوذة بعذابات الحروب واحلام سيادة الامة، والمولودة في نهاية القرن التاسع عشر في بريسلاو في شرق الامبراطورية الالمانية، اذ تعيش اولغا اليتيمة في كنف جدتها وتصبح معلمة في شرق بروسيا، الاقليم الذي ستضطر للفرار منه مثل آلاف من مواطنيها خلال الحرب العالمية الثانية قبل أن تستقر بالقرب من هايدلبرغ، لكن قصّة حياتها العظيمة هي قصّة حبّها المجنون والمخلص الى مابعد الموت للشاب هيربرت الذي ينحدر من عائلة جيدة ثم يضيع أثره في رحلة استكشافية في ثلوج سبيتزبيرغ في عام 1913..
كان هيربرت ضابطا ومستكشفا غير معروف ويعده الكاتب نقطة انطلاق روايته .. يقول شيلينك موضحا: " لقد صادفت جريدة تتحدث عن هيربرت شرودر سترانز الحقيقي، عضو البعثة الاستكشافية الذي أرسل الى جنوب غرب افريقيا (ناميبيا الحالية) والتي كانت مستعمرة ألمانية آنذاك .. لقد أثار إعجابي بافتتانه بالصحراء والعدم وكان أسلوب حياته يرمز الى الطموحات الامبريالية والى جنون العظمة لدى الالمان وقد استلهمت شخصية روايتي وحبكة الرواية من هذا الضابط ".. ثم يتساءل شيلينك عن نوع النساء الذي يمكن ان يحبه هيربرت، وهكذا ترتسم لديه شيئا فشيئا ملامح شخصية اولغا العاقلة الحكيمة المعجونة بالحس السليم والوضوح والتي تمثل جيلا من النساء اللواتي أجبرن على العيش بالاعتماد على قدراتهن الشخصية بينما يعيش رجالهن خارج الحدود .. ويقول شيلينك ان اولغا تشبه الى حد كبير شخصية جدته لأمه التي كان يحبها كثيرا وكان لها دور مهم في حياته، كتأثير عرابته عليه أيضا، فهذا النوع من النساء لاينكسر بسهولة، وهكذا كانت اولغا في الرواية ايضا، فهي تنجو من الحروب وتؤمن احتياجاتها بنفسها وتقدم انموذجا يمكن أن تهتدي به الاجيال الشابة ..
انها صورة سامية للمرأة، كما ان اولغا هي انعكاس مثير للخير والشر ولمايمكن ان يدفع بلدا مثل ألمانيا الى المجازفة والهزيمة ...يقول الكاتب عن ذلك :" لم يكن للمستشار بسمارك نزوات او حب للمجازفة لكنه وضع المانيا في خانة أكبر من اللازم، كما ان الالمان حلموا طويلا بدولة، وعندما حصلوا عليها، استمر خيالهم في التحليق بعيدا عن الواقع اذ ارادوا لالمانيا ان تكون أعظم من أي وقت مضى وان تكون الامبراطورية التي لاتغرب عنها الشمس أبدا، لكن خوضها حربين خاسرتين وضع حدا حاسما لهذه المبالغات !!.