محمد شريف أبو ميسم
لم يعلق في ذهني مفهوم اقتصادي أكثر من «قانون تناقص الغلة» لا لشيء الا لأنه أساس لنظرية القوة الانتاجية الهامشية التي تشهدها كل محاولات النهوض، غير المدروسة، ابتداء من المشاريع الصغيرة مرورا بالمتوسطة، وصولا الى عمل الجهات القطاعية. على الرغم من انه مفهوم ذات صلة بالانتاج الزراعي في ظل فن انتاجي.
وينص القانون على أنه «اذا ما أضيفت وحدات متماثلة من عنصر الانتاج المتغير الى الوحدات الثابتة فإن الانتاج يزداد بشكل متزايد، وبعد مدة معينة يأخذ الانتاج بالزيادة المتناقصة الى ان يصل الى قمة الانتاج، وبعدها اذا أضيفت وحدات من المتغير فإن الانتاج سوف يتناقص بشكل مطلق».
فكلما زاد اهتمام القائمين على المشاريع بعامل ما من عوامل الانتاج بشكل تدريجي عبر اضافات أكثر، في وقت تبقى فيه مقادير عوامل الإنتاج الأخرى ثابتة، أفضى هذا الاهتمام الى تناقص غلة الانتاج بعد المرور بمرحلة تدريجية تؤدي الى عوائد تزايدية أقل لكل وحدة.
هذا القانون يقفز الى مخيلتي كلما شاهدت خروج الأعداد الهائلة من العاملين في نهاية يوم عمل من المؤسسات والمنشآت الصغيرة، وكلما مررت على مشروع متلكئ لا يقف في موقع العمل الا عامل واحد أو بضع أفراد، وحتى حين أشاهد عددا من عاملي النظافة في شارع هرم تتخلله المطبات وأكوام مواد البناء وسواها التي تتناثر دون ضابط، وأتذكره أيضا حين تتلكأ الجهات ذات العلاقة في دفع مستحقات الفلاحين، حيث تتسع الأرض بانتاجها الوفير من الحنطة والشعير وتنحسر الغلة في المواسم اللاحقة جراء انعدام التمويل المالي، وحين تعلن جهات ما التخصيصات المالية لبعض المشاريع المتلكئة، يقفز هذا المفهوم الاقتصادي الى مخيلتي أيضا، حيث يفضي صرف التخصيصات الى تحريك العمل مع ثبات عناصر الانتاج الأخرى التي عادة ما يتأثر ثباتها بالاندثار فتفضي الى مزيد من ما يسمى بالعوائد السلبية.
وهنا يبدو لي أن ثمة ارتباطا بين قانون تناقص الغلة وفوضى العمل وسوء التخطيط، مع ان واضع هذا القانون (الاقتصادي الانجليزي دافيد ريكاردو) يشترط تطبيقه في ظل فن انتاجي وبيئة مستقرة، وقد تستغرب عزيزي القارئ عن سر اهتمامي بمدلولات هذا القانون من دون غيره من القوانين الاقتصادية، اذ ان لهذا القانون شهرة في علم الاقتصاد ترقى الى شهرة الفوازير في شهر رمضان.