ثامر الهيمص
صناعة القرار بصورة عامة لها علاقة مباشرة بالنجاح اذا ما تمت على ايدي امهر المشرعين، والمشرّع الماهر عادة لا يكون الأوحد، بل يعمل مع ملاك مؤهل علميا بخبرة ومبادئ ترشده، وكما ان القانون يعد الترك والامتناع في التنفيذ جريمة حسب المادة 193/ 4 من قانون العقوبات، وتقع ضمن ( الجرائم الماسة بسير العمل)، فمن الناحية التنفيذية، اداريا، يصعب تفهم الترك والامتناع، ولكن تراجع التنفيذ او الانجاز، كما في الارقام مذهلة، يجعل الموقف حرجا لصاحب القرار القطاعي،على الاقل كونه درجة خاصة، يكون من اولوياتها التنفيذ او الانجاز التام، لاسيما انه يدير ملاكا بدرجات تجمع بين خصوصية الوزارة وديمومة الموظف العام، الذي يشكل الحلقة المركزية بين النصوص المقررة وغرفة العمليات.
إنَّ دور المدير العام يفترض ألا يتغير مع الموسم الانتخابي، لاسيما اذا ما اقترن تنصيبه لاعتبارات تنفذية مهنية، ولكي يقوم المدير العام باداء عمله، وحتى لا يقع في مطب جريمة الامتناع والترك، عليه اولا التحرر من سلطة مكتبه الخاص ومن العناصر التي تسعى لتعزيز دورها او من محاسيب دوائر النفوذ، ليعالج هذه الظاهرة التي يفرزها غياب دور مجلس الادارة وتلاشي الزيارات الميدانية بنوعيها المباغتة والدورية، حسب مراحل الانجاز، وان غياب هذه الزيارات كان بديلها لغط المحاسيب ودرجة علاقتهم، اما الزيارة الميدانية فانها تضفي من الخبرة والرؤية ما لم يجنه المدير التنفيذي من التنظير، اذ سيكون عرضة لسوء الانجاز والتلكؤ، حيث تنشط اللجان لتحيل القرار للجان أخرى، ليصبح سلاح الضرب تحت الحزام بازلام المنظومة الادنى حلا.
ولعل ما يعزز سلطة وهيمنة رجل التنفيذ هو الاستشارة من الجامعة الى الادارة والى تفاصيل العمل الفني والعلمي، وهذا ركن لا يزال مهملا تماما، او لصالح بيوتات خبرة خارج السرب، لذا فجميع هذه المعطيات من الزيارة الى الاستشارة، تحول المدير التنفيذي من دور رجل الاطفاء التقليدي اي المراقب العلاجي، وليس الاستباقي لتدارك المخاطر المحتملة.
من هنا تنهض ضرورة وجود الرجل المناسب من الاستعلامات الى المكتب الخاص، مرورا بالرقابة وباقي الاقسام كالقانوني والفني واللوجستي، ولعل سؤالا قد يثار (اين مبدأ مركزية القرار ولا مركزية التنفيذ)، الذي يواكب عادة النظم الاتحادية البرلمانية من ما تقدم حيث وحدة القرار نصا وعمليا؟. ونحن لدينا ادارات تتمتع بلا مركزية تنفيذ تصل الى حد التقاطع مع الخط العام للخطط الخمسية او السنوية، بل تعرقل عمل دوائر ذات علاقة بالاتجاه نفسه، كما نلمسها بادارة الاستثمار، كما نلمس التقاطعات بين الاقليم والمركز، مثلا، او التنازع بين دوائر الاوقاف واهداف كلا منها.
إنَّ البنية التحتية لهذا التقاطع موجودة لعلها اولا ببطء ترجمة المواد الدستورية الى قوانين من خلال البرلمان، ولكن هذا، رغم انه حاضن لمخالفات واجتهادات متناقضة، لا يعفي من العمل بمبادئ لا تختلف عليها القوانين والانظمة الادارية والقانونية، كلنا أمل بالمحكمة الاتحادية ومجلس الخدمة الاتحادي، ان يرمما البنية التحتية الاساس التي يجب ان تكون خالية من الاذرع والذرائع.