كيف ينبغي ان تكون صورة التعليم مستقبلاً؟

آراء 2021/05/09
...

 كيفن شافوس
 
 ترجمة: أنيس الصفار                                               
أظهرت عملية مسح حديثة أجرتها شركة «أكاديمك بولسي اند إكستيرنال أفيرز» أن ما يقرب من 40 بالمئة من أهالي الطلبة في الولايات المتحدة يعتقدون ان نظام التدريس في المدارس العامة بمناطقهم ليس مستعداً كما ينبغي لتزويد الاطفال بنوعية عالية من التعليم عن طريق الانترنيت. في الوقت نفسه قال 50 بالمئة من هؤلاء الأهالي انهم يريدون ان يكون لأطفالهم الخيار بين التعليم بالحضور الشخصي او عبر الشبكة الالكترونية بعد انتهاء جائحة «كوفيد-19».
 
هذه الارقام تبرز سعة الشقّة بين ما يرغب فيه أهالي الطلبة وما يمكن للمدارس أن تقدمه. فمع استمرار الجائحة بدأت تتكشف لنا ضرورة تخلي الولايات المتحدة عن نهجها في حصر الخيارات بواحد من اثنين: «أما هذا .. وأما ذاك» حين يتعلق الأمر بالتعليم عبر الانترنيت، لأن الشيء الواضح الذي لم يعد فيه مجال للشك هو ان كثيرا من الأسر تحتاج الى خيار خليط يجمع بين الاثنين.
لا يخفى علينا ان الانتقال الفجائي الى نظام التعليم عبر الشبكة في الربيع الماضي قد باغت كثيرا من المدرسين والمناطق وأهالي الطلبة، والطلبة أنفسهم. ويكشف تقرير حديث ان 22 بالمئة فقط من المدرسين قد استفادوا في العام الماضي من المواد المصممة خصيصاً للتعليم عن بعد المتوفرة في السوق التجارية، وهي مواد معدة لتلبية احتياجات ما يسمى «التعليم اللا متزامن» عن طريق اجهزة الحاسب، كذلك قال 16 بالمئة من المدرسين أنهم كانوا يستخدمون أنظمة التعليم عبر الشبكة من قبل حدوث الجائحة بوقت طويل.
العام الدراسي الجديد قد اقترب، ومعنى هذا أن الوقت حان كي تحدد مدارس المقاطعات أي البرامج والطرق سيمكنها بها تعزيز نجاح طلبتها في بيئة الشبكة الالكترونية، وهذا يعني، بناء على تجاربنا الشخصية، التوصل الى منهج دراسي قابل للتكيف ومصمم على اساس التعامل مع كل فرد بمفرده. استخدام هذه العناصر معاً على النحو الصحيح سوف يساعد الطلبة على التعلم وتنمية قدراتهم ومعارفهم.
هذا ليس رأياً شخصياً بحتاً، إذ تظهر أبحاثنا ان العديد من المدارس التي تعمل عبر الشبكة قد تمكنت من مساعدة الطلبة على تفادي خسائر التعليم المرتبطة بالجائحة، وهي الظاهرة التي صار يطلق عليها وصف «منحدر كوفيد». علاوة على هذا ان الطلبة الذين كانوا منخرطين في برامج على الشبكة من قبل حدوث الجائحة تمكنوا من المحافظة على مستوياتهم التي حققوها، بل ان بعضهم تفوق في الاداء على الصعيد القومي. من الواضح اذن ان الدراسة عبر الانترنيت اسلوب ناجح بحد ذاته، والباقي لا يتعدى عمليات صقل وتعديل لكيفيات الاستعمال.
لكي ينجح التعليم عبر الانترنيت فإن المنهج الدراسي هو مكمن الحل. معظم المدارس التي أجبرت على التحول الى المنصات عبر الشبكة عانت كثيراً وهي تحاول تكييف مناهجها لمجاراة الأسلوب الجديد. معظم هذه المدارس حاولت جعل مناهجها العادية السابقة تعمل بالاسلوب الافتراضي، بيد ان هذه المساعي كانت اشبه بمحاولة ادخال مكعب في دائرة.
من اجل تحقيق النجاح ينبغي تطوير المنهج الدراسي الذي يراد اعطاؤه عبر الشبكة الالكترونية تطويراً محسوباً بقصد الإلقاء الافتراضي. على هذا المنهج أن يأخذ بالاعتبار التغيرات التي طرأت على طرق تعامل الطالب خارج صفوف الدراسة التقليدية مع إدخال تشكيلة منوعة من الموارد والوسائل لاستكمال شكل الدروس التي تقدم عبر الشبكة. النضال من اجل شدّ اهتمام الطلبة وانتباههم شيء لا يمكن للمدارس ان تفرط فيه لأن قصور الاهتمام لا بد ان ينعكس في النهاية على اداء الطالب وآفاقه المستقبلية.
نمضي خطوة أخرى الى الامام فنقول إن على المنهج الدراسي المعد للبث عبر الشبكة تخطي مجرد التركيز على المواضيع التقليدية المعتادة ونيل الدرجات في الامتحان كدوافع لشد اهتمام الطلبة وشغفهم بالتعلم، فمن خلال تزويدهم بمواد مكملة وخبرات تركز على الاعداد المهني تستطيع المدارس ان تعطي الطلبة احساساً بالهدف وحافزاً لتركيز دراستهم عليه.
رغم ان الكثير من المدارس قد قررت منذ الان الأخذ بخيار الحضور الشخصي في الخريف المقبل يبقى بالامكان استمرار التعامل مع أسباب قلق الأسر عن طريق تقديم خيارات تعليم مزيج يجمع عناصر من اسلوب التعليم عبر الشبكة واسلوب التعليم بالحضور الشخصي. فمن خلال الاستعانة بمناهج دراسية مطعمة ببرامج تعليم شاملة مستندة الى أبحاث علمية بأسلوب التقديم عبر الشبكة يغدو باستطاعتنا ايصال الطلبة الى حيث ينبغي لهم ان 
يصلوا.
 
عن مجلة نيوزويك