ريمونتادا الأسرار الرمضانية!

الرياضة 2021/05/11
...

علي رياح   
نوشك أن نودع بالخير والبركة ومظاهر الإيمان ، رمضان المبارك، ونودع معه زخما جارفا من الإنتاج التلفزيوني الذي يختفي بمعالمه واتجاهاته في الزمن المتبقي من كل عام ، لكنه يغرقنا بإيقاعه المتسارع في الشهر الفضيل ، فصار مُحالا علينا اللحاق بكل ما يطرح على الشاشة ، حتى أن كثيرين - وأنا منهم – يتجهون صوب منصات المشاهدة كي يدركوا ما يفوتهم في ساعات البث التي تستنجد من طوفان الإعلانات!  .
ما يهمني في الإطار الرياضي ، أن كثيرا من البرامج اعتمدت ترتدي الثوب الرمضاني منذ سنوات عديدة مضت .. بعض البرامج التي تهيمن على الشاشة كل مساء اختفت لكي تفسح المجال أمام مَد الدراما ، والبعض الآخر اختار الاستمرار في الإطلالة على الشاشة مع إبراز المسحة الرمضانية ، ونصل هنا إلى المقصد وهو تحول الأغلب الأعم من البرامج إلى مساحات مفتوحة للحديث عن ماضٍ تولـّى ، وعن وقائع ظلت خفية أو أسرار لم تـُذع على الناس ، وهكذا رأينا سباقا مثيرا على هذا الصعيد ، أجده ملبيا لحاجة المشاهد الرياضي الذي لا تنقطع صلته ببرامجه حتى لدى توقف الأنشطة والانصراف لأداء فروض الشهر الكريم..  
ولكن .. لديّ استدراك لا بد منه هنا ، فلقد تأكد عندي أن الكثير من الوجوه الرياضية ، وبينها من اختفى عن المشهد سنوات طويلة ، اتخذ من الظهور في برامج كشف الوقائع والأسرار كي يندفع كثيرا في رواية أحداث عشناها وعاشها كثيرون غيرنا .. هذا الاندفاع أدّى في بعض الأحيان إلى اختلاق مواقف لا أصل لها ، أو ابتكار بطولة لم يكن صاحبها قادرا على إظهارها في مفترق زمني يبلغ عمره ثماني عشرة سنة وما يزيد ، وهي الفترة التي تفصلنا عن التغيير السياسي الذي حدث في العراق!  .
رأيت بعض الشخوص في شهادات غاية في الأهمية وتستحق الاحترام لأنها اتسمت بالموثوقية والصدق ، ولكني – بالمقابل – أطلقت العنان لضحكاتي إزاء ما يسمى زيفا (شهادات) لا تثير سوى السخرية والتندّر .. بعضها كان أشبه بمحاولة (ريمونتادا) أراد أصحابها الردّ على محطات سيئة شابت مشوارهم!  .
المشكلة أن هناك من يتصور أن للتاريخ ذاكرة السمك ، تنسى سريعا .. في حين أن مواقف دارت في هذا السقف الزمني وأبعد ، ما زالت حيّة في العقول ، والشهود الذين عاشوا الموقف مازالوا أحياء .. وهكذا رأينا الوجهين .. مَنْ ينطق صدقا كي يوثق فاصلا في مشهد واسع ، ومَنْ يدعي لنفسه البطولة في الزمن الصعب ، وعلى الفور تذكرت قول أبي الطيب المتنبي .. (إذا ما خلا الجبانُ بأرضٍ .. طلب الطعن وحده والنزالا)!!. 
مثل هذا التناقض يستدعي أولا وقبل كل شيء أن نلتفت إلى تاريخنا الرياضي كي نوثق ما  أمكن منه ، على الأقل هذا الجانب الذي ما زال أبطاله وشهوده والمتأثرون به يعيشون بيننا الآن .. هذه مهمة على جانب كبير من الأهمية ، حتى لا يتحول قليل أو كثير من برامج الرياضة في شهر رمضان المبارك إلى مسرح يذهب إلى بيوت الجيل الحالي أو الأجيال التي تليه كي يروي قصصا وحكايات لا أصل ولا فصل لها!  .