بغداد: عماد الإمارة
تعرف الموازنة العامة للدولة على أنها برنامج الحكومة، تهدف من خلالها تحقيق مضامينه خلال سنة، ويتمثل في ثمانية أبعاد هي (السياسي، الاقتصادي، المالي، الاجتماعي ،الإداري الحسابي، القانوني، المعلوماتي)، لكن ظروف العام 2020 سببت مواقف صعبة للعراق في إدارة وضعه المالي، من انخفاض أسعار النفط، وتداعيات جائحة كورونا، إذ تراجع النمو الاقتصادي بنسبة كبيرة بلغت ( - 11 بالمئة)، وبالتالي كان على موازنة 2021 معالجة ذلك، بتخصيصات تستهدف تنمية القطاعات الإنتاجيَّة والخدميَّة لتفعيل النشاط الاقتصادي، فهل ستكون موازنة 2021 قادرة على إعادة النمو الاقتصادي وتحويله من نمو سالب إلى موجب؟.
وأوضح أ.د أحمد عمر الراوي من مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية إمكانية ذلك بالقول: «قبل الإجابة ينبغي مراجعة إعداد الموازنة وأسباب تأخر إقرارها المتمثلة بالنقاشات وخسارة الربع الأول من العام 2021، وبالتالي أقرَّتْ ببنودها الأساسيَّة التي أعدتها الحكومة، كاعتماد الأسس في احتساب الإيرادات العامة (تصدير 3,250 مليون برميل نفط يومياً، منها 250 ألف برميل من إقليم كردستان واحتساب سعر 45 دولاراً للبرميل الواحد، واعتماد سعر صرف الدولار 1450 ديناراً).
واضاف الراوي لـ «الصباح»: «لقد خرجت الموازنة بحجم إنفاق كلي بلغ 129،993 ترليون دينار، أما الإيرادات العامة فقد قدرت بنحو 101،320 ترليون دينار وبعجز بلغ نحو 28،672 ترليون دينار، يمثل نحو 22 بالمئة من حجم الموازنة، ليبقى مصدر سد فجوة العجز هو الاقتراض الداخلي والخارجي، ما سيتسبب في تفاقم مشكلة الدين العام».
ورأى أنَّ «قدرة موازنة 2021 على تفعيل النشاط الاقتصادي محدودة، كونها لم تراع القطاعات الاقتصاديَّة، كما أنَّ تعديل النمو الاقتصادي سيكون مرهوناً بارتفاع أسعار النفط، وأنَّ التخصيصات المقرة للقطاعات الإنتاجية ضئيلة جداً قياساً للتحديات التي تعاني منها تلك القطاعات».
وبين الراوي تداعيات تأخير الموازنة على الوضع الاقتصادي بأنه «أدى إلى تأخر تنفيذ البرنامج الحكومي خلال ثلاثة أشهر، وتوقف النشاط والبرامج الخدميَّة والاستثماريَّة التي تضمنتها الموازنة، وتعطيل حركة التشغيل بوظائف القطاع العام، فضلاً عن تأثر القطاع الخاص بتعطيل تنفيذ البرامج الاستثماريَّة، وبالتالي فاقم البطالة».
مؤكدا أنَّ «تعديل سعر الصرف إلى 1450 ديناراً للدولار، أدى إلى تخفيض القيمة الحقيقيَّة للدخل الفردي بنسبة لا تقل عن 25 بالمئة، ما أضر ذوي الدخل المحدود نتيجة ارتفاع الأسعار، لتصل نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الى أكثر من 27 بالمئة من سكان العراق».
اذ «سيؤدي تخفيض الدخول نتيجة تغير سعر الصرف، إلى انكماش حركة النشاط الاقتصادي، بسبب ارتفاع الأسعار، ما سيؤدي إلى تفاقم ظاهرة البطالة التي أصبحت مقلقة، نتيجة لوصولها إلى نحو أكثر من30 بالمئة من حجم القوى العاملة».
وتابع أنَّ «اعتماد الموازنة على الاقتراض لسد العجز في الموازنة، سيفاقم حجم الدين العام الذي من المتوقع أنْ يصل نهاية 2021 الى نحو 144 ترليون دينار، ورغم أنَّ الموازنة أشارت الى سعيها لتخفيض العجز في حدوده الدنيا، نجد أنَّ نسبته تبلغ 22 بالمئة من حجم الموازنة، ونحو 16 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي».
واقترح الراوي «اعتماد الرشادة في الإنفاق من خلال برامج وسياسات جادة وفاعلة منها إعادة هيكلة بعض مؤسسات الدولة، بإلغاء ودمج العديد من المؤسسات، الى جانب وضع ضوابط رقابيَّة في قانون الموازنة على عمليات الصرف للحد من الفساد، فضلاً عن وضع ضوابط لتعزيز الإيرادات غير النفطيَّة، لا سيما عائدات المنافذ الحدوديَّة وضبط إيراداتها بما فيها منافذ الإقليم»، داعياً الى «تشريع مواد في قانون الموازنة لإلزام وزارة الماليَّة بحصر وإعادة تقيم ممتلكات الدولة، لا سيما العقارات لتعزيز الإيرادات غير
النفطيَّة».