اصفرار القطاع الأخضر

اقتصادية 2019/02/13
...

د. باسم الإبراهيمي
 
بات واضحا اليوم البعد الستراتيجي للقطاع الزراعي من خلال الاهتمام الكبير الذي توليه العديد من الدول النامية والمتقدمة ليس لاهميته الاقتصادية فقط وانما بوصفه بوابة للامن الغذائي والاستقرار السياسي ايضا، فضلا عن دخول بعض المنتجات الزراعية في مجال انتاج الطاقة، وهذا الامر دفع الى اعادة التفكير باهمية هذا القطاع من جديد بعد ان ظن البعض انه ارتبط بالمراحل الاولى للتنمية وان التقدم الحاصل يدفع به بعيدا الى الخلف لتتقدم قطاعات اخرى مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
الزراعة لدينا مهملة ولم يلتفت لها المعنيون ومشاكلها تزداد يوما بعد اخر نتيجة التداخل الكبير الذي اصابها مع مجالات اخرى تراجعت بدورها مثل الري والمياه وما نجم عنها من نقص وتداعيات للملوحة والتصحر، كما اثر عليها الانفتاح التجاري والمنافسة غير العادلة بسبب الاغراق، مما ادى الى تراجع الانتاج الزراعي المحلي وتهديد امننا الغذائي وزيادة البطالة بعد ان هاجر العاملون في الزراعة الى المدن بحثا عن فرصة عمل تؤمن لهم قوت يومهم تاركين الارض بورا.
نسبة الاراضي الصالحة للزراعة في العراق تشكل (%27) من مساحته، يتم استغلال ثلثها تقريبا فقط ومن المتوقع ان تتناقص مستقبلا نتيجة الظروف التي اشرنا اليها، هذا الامر بحاجة الى وقفة وطنية جادة لاصلاح هذا القطاع الستراتيجي، تتضمن معالجة ملوحة التربة التي طالت (%75) من الاراضي المروية، فضلا عن تعزيز حصة العراق المائية واستخدامها بكفاءة في اطار اعتماد الوسائل الحديثة في الري وتقليل الهدر، وكذلك استخدام المكننة والهندسة الوراثية في زيادة الانتاج، فضلا عن مراجعة السياسة التجارية الخاصة بالسلعة والمنتجات الزراعية المستوردة والمصدرة.
الزراعة في معظم دول العالم تعد قطاعا خاسرا وهذه حقيقة معروفة الا ان العديد من الدول تقدم الدعم للفلاحين والمزارعين من اجل استمرارهم في الانتاج فضلا عن الانفاق الكبير الذي تقدمه الدول في مجال البحث العلمي الزراعي من اجل زيادة الانتاجية وكذلك استخدام الاساليب الحديثة في الزراعة والتي جعلت دولا لا تمتلك مؤهلات كبيرة في القطاع الزراعي تصدر سلعا ومنتوجات زراعية الى العراق. واقع الحال يقول ان القطاع الزراعي في تراجع مستمر، فهل من وقفة جادة تبعث الحياة من جديد في هذا القطاع المهم وخصوصا عمتنا النخلة؟