ثامر الهيمص
بالتكامل الاقتصادي الاقليمي تتحول الورقة السياسية الى مشروع، حيث يتعبد الطريق للتنمية المستدامة والاستقرار بمختلف تجلياته، ليكون عامل تعزيز وتمكين لرؤية سديدة.
فالربط الكهربائي المزمع يلف المنطقة عربيا ليطل على الحيز الاوربي، الذي يسعى للتواصل مع الشرق الاوسط اقتصاديا، والأفق الآخر للتكافؤ المتبادل يصلنا من الصين من خلال الحزام والطريق، العابر للقارات .
فالكهرباء المربوطة مع دول الخليج والاردن ومصر، مع الغاز الايراني وكهربائها وامكانية الاكتمال مع تركيا، ليكون بعد ذلك التكامل مع اوروبا، والمضي برؤية هذه افاقها، سيجعل الدول ذات العلاقة ايسر تعاونا ولينا واطوع، على طاولة التفاوض والتفاهمات، واعادة نظر في ستراتيجيات طالما استعصت او تأدلجت .
فملف المياه بات مرشحا ساخنا لعلاقة الكهرباء بالخزنات والسدود ومساقطها، لاسيما ان الاتجاه للطاقة النظيفة اصبح متوسعا في السياسات المتعلقة بالبيئة، كهمّ يؤرق العالم.
كما ان ملف الزراعة يرتبط بالمذكور آنفا، اذ لدينا 10 ملايين دونم جاهزة للزراعة، لكن شح الماء جوهر الامر، لذلك بات هذا الملف الذي يدفع تجار الجوار لبناء علاقة مقيتة مع تجارنا لادامة النزيف المالي، استيرادا، ليختل الميزان التجاري الزراعي، بضمنه الحيواني، خصوصا ان توفير الكهرباء للمشاريع الانتاجية، كان ولا يزال مكلفا.
وبذلك تمأسست العملية التجارية السلبية في البلد، وبات هناك دعم لوجستي من الظروف السيئة، التي يمر بها العراق، وهذه طبيعة الامور عندما لا تكتمل الشروط الموضوعية للانتاج بمختلف تفرعاته.
والصناعة كذلك تفتقر الى الكهرباء، ما يوفر الذرائع بعد خرق المنافذ الحدودية وفوضى الاستيراد، بدءا من منح الاجازة الى نافذة بيع العملة.
من المعلوم ان تركيا تتحكم ب88 بالمئة من مياهنا، ولديها تجارة احادية معنا بحدود 12 مليار دولار سنويا، ناهيك عن مشاريع الصحة والاسكان والطرق والجسور، كما يربطنا معها خط النفط التاريخي، لذا ستكون عريكتها لينة في اي مشروع حاضن لتجارتها ومصالحها، اذ لا بديل من جيرانها عن العراق، يقابل ذلك محور جارتنا الشرقية، فامتداد علاقتنا بها كامتداد حدودنا وهي الاطول، لذلك سيكون جدول المصالح المتكافئة معها عابرا ايضا، بفعل العامل الجغرافي والتاريخي، اي لا خيار لنا ولهم من دون مراجعة لطبيعة العلاقة الاستثنائية، وفق ابسط المقاييس، وهكذا عربيا، غربا وجنوبا، ايضا سيكون جدول مصالحنا وفق مشاريع التكامل الاستثماري لتصبح الجدوى الاقتصادية اولا هي المعيار على المديين القريب والبعيد . لذلك ليس كثيرا علينا ان نصبح (سويسرا) المحيط الاقليمي، لاسيما بعد انخفاض الكلف الامنية لتصبح رافعة حقيقية للتنمية المستدامة.
فالنفس التجاري الحاد الذي جرف التجارة الاستيرادية وصل لطريق ضيق وسيضيق اكثر، لذلك نأمل ان ينهض القطاع الخاص والعام الزراعي والصناعي ليشكلوا رقما صعبا في المعادلة غير الريعية، لنرى ارقاما تؤشر ارتفاعها في الناتج الوطني، بفتح مشاركات في المشاريع مع تلك الدول، سواء في مشاريع الحكومة او القطاعين المختلط والخاص، من دون هواجس امنية او سياسية، لاسيما ان دولا كبرى تواصل دعمها لاستقرار المنطقة لتصبح مسرحا اقتصاديا للاعبين من الاقليم ذاته، ولذلك يكون عراقنا مؤهلا لكونه يحمل جميع القواسم المشتركة بين اللاعبين والقادمين .