عقد المجلس الاقتصادي العراقي، ندوة اقتصاديَّة تحت عنوان "مذكرة التفاهم العراقيَّة – الأردنية.. المكاسب والتوجسات" بمشاركة السلطتين التنفيذية والتشريعية والقطاع الخاص، إذ أجمع الحضور على ضرورة ألا يحمل الاتفاق آثاراً جانبية في المنتج الوطني، مرحبين بإنشاء المدن الصناعيَّة في مناطق البلاد بعد اختيار المواقع الصحيحة لها.
رئيس المجلس إبراهيم بغدادي افتتح أعمال الندوة مؤكداً أنَّ "توقيع الاتفاق العراقي - الأردني، حقق مكاسب ولكن في ذات الوقت، لا يخلو من الملاحظات التي أشَّرها خبراء القطاعين العام والخاص، الأمر الذي دفع المجلس الى إعداد ورقة حددت المكاسب والتوجسات تجاه الاتفاق".
وأشار الى أنَّ "المكاسب تمثلت بإنشاء مدينة صناعيَّة مشتركة، وما ينتج عنها من منافع في مقدمتها توفير فرص العمل ومنتجات نوعيَّة للسوق العراقيَّة، فضلاً عن مد أنبوب النفط باتجاه العقبة، وكذلك تخفيض رسوم البضائع الواردة الى العراق عبر ميناء العقبة بنسبة تصل الى 75 بالمئة".
واضاف أنَّ "التوجسات جاءت من مواد ذكرت ضمن القائمة التي تضم 371 مادة، يمكن إنتاجها محلياً، ويمكن أنْ تغطي طلب السوق الوطني".
الرسوم الكمركيَّة
وكان الاتفاق قد تضمن توافقاً على قرار مجلس الوزراء العراقي المتخذ في العام 2017 القاضي بإعفاء قائمة السلع الأردنيَّة من الرسوم الكمركيَّة، وذلك بعد مفاوضات استهدفت تحديد قائمة السلع التي لا تسبب ضرراً على الصناعة والزراعة المحليتين العراقيتين، كون السلع المعفاة لا تُنتج في العراق أو إنَّ إنتاجها لا يغطي حاجة السوق العراقيَّة، وسيتم تعديل هذه القوائم مع تطور الصناعة والزراعة في العراق، وهذا يشكل أسلوباً داعماً في المنافسة لخدمة المواطن بأقل الأسعار وأفضل النوعيات من المنتجات.
أهمية الاتفاق
بدوره أكد وكيل وزير التجارة هيثم الشخالي أنَّ "التداول في هكذا موضوعات مهم، وتوقيع مذكرة التفاهم يعكس مدى التعاون بين البلدين"، لافتاً الى أنَّ "أهمية الاتفاق تتضح بعد الدخول في التنفيذ، ما يمثل خطوة مهمة للانفتاح على العالم".
وقال إنَّ "إنشاء المنطقة الصناعيَّة المشتركة يأتي للإفادة من الإمكانات الأردنية في مجال التصنيع والانفتاح على العالم"، مؤكداً أنَّ "التعاون يعيد للعراق مكانه الطبيعي بين العالم".
أما وكيل وزير الصناعة والمعادن محمد علي ذياب فقال: "معلوم لدى الجميع إنَّ القطاع الصناعي يعاني تراجعاً في مفاصله ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ونعمل مع القطاع الخاص الصناعي من أجل النهوض بالإنتاج الصناعي".
وأكد أنَّ "الوزارة لا يمكن أنْ توافق على إجراءات تضرُّ بالصناعة المحليَّة".
وبيَّن أنَّ "المدينة الصناعيَّة مع الأردن يجري العمل على متابعتها من خلال لجنة مختصة على تحديد موقعها، ومن ثم العمل على تبني إجراءات تنفيذها، كما أنَّ الوزارة لديها مشاريع مدن صناعيَّة في ذي قار والبصرة والنجف والأنبار ونينوى".
تأثير مستقبلي
أما النائب فرات التميمي فقد أكد أنَّ "الاتفاق مع المملكة الأردنيَّة يحتاج الى توضيح أكثر من قبل الجهات المعنيَّة، ليعرف الصناعي والزراعي مدى تأثيرها في مستقبله"، لافتاً الى أنَّ "التوجه صوب التنمية يتطلب تطوير القطاعين الصناعي والزراعي". وأشار الى أنَّ "الإغراق السلعي أثر سلباً في واقع النهوض بالإنتاج وسبَّب خسائر كبيرة للبلد بسبب الاعتماد على أسواق أخرى إقليميَّة ودوليَّة". النائب حسن الكناني تحدث عن الضرر الذي تتعرض له الصناعة المحليَّة بسبب الإغراق السلعي، قائلاً إنَّ "الاتفاق يجب أنْ يشمل المواد الأولية والنصف مصنعة، ولا يمكن أنْ يكون حجرعثر بوجه تطور الصناعة المحليَّة". وشدد على "أهمية وضع رؤية اقتصاديَّة فاعلة تنمي إقامة مدن صناعيَّة وتكنولوجيَّة متطورة"، مشيراً الى أنَّ "إقامة مدن صناعيَّة بعيدة لا يخدم الاقتصاد، إذ توجد منطقة صناعيَّة في هيت يُمكن أنْ تفعَّل وتؤدي دورها التنموي". وقال: "نؤمن بإقامة علاقات اقتصاديَّة مع الأردن بالشكل الذي يخدم الاقتصاد الوطني والجانبين".
المواد الأولية
الصناعي عبد الحسن الشمري بين أنَّ "العراق يمكنه أنْ يوفر غذاءً لـ 300 مليون نسمة، وأنَّ تشجيع الصناعة المحلية يحتاج الى إعفاء المواد الأولية والنصف مصنعة". المختص بالشأن الاقتصادي حيدر السهيل شدَّد على "ضرورة منح إعفاءات ضريبية تتمدد من 5 - 10 سنوات من أجل دعم الصناعي العراقي، وهنا لا بدَّ من خلق برامج عمل تطويريَّة ويتم دعم البرامج من خلال تخفيض الوقود ومفاصل تطويريَّة أخرى".
المختص بالشأن المالي سيف بدير بيَّن "أهمية تفعيل قوانين حماية المنتج والمستهلك، لدورها في تنمية الإنتاج المحلي"، مشيراً الى أنَّ "أهمية أنْ يكون هناك تكاملٌ بين القطاعين المالي والإنتاجي، حيث تقود البرامج الإنتاجيَّة الرصينة الى تعزيز الثقة بين الجهاز المصرفي العراقي والقطاع الصناعي الرصين". ونبه الى أنَّ "العراق أمامه رحلة عمل كبيرة تتطلب وجود تناغم كبير بين القطاعات الإنتاجيَّة والتمويليَّة، لا سيما أنَّ الجهاز المصرفي بدأ يدرك أهمية تطوير واقع المدفوعات، وبات يعتمد أنظمة متطورة في تقديم الخدمات لجمهور المستفيدين".