نجم بحري
كان العراق ولا يزال في وضع زراعي لا يتناسب مع امكانيته البشرية والطبيعية، وقد كانت اسباب ابقائه في الوتائر المتخلفة تعزى الى ظاهرة الاهمال وسوء توزيع ملكية الاراضي الزراعية، لذا فان الاصلاح الزراعي، الذي افترض انه يعدّل توزيع الاراضي، وبالرغم من مرور عقود طويلة، الا ان الناتج الزراعي بصورة عامة،
لا يزال دون الحد الادنى الذي يجب أن يكون عليه، سواء من حيث اساليب الانتاج او نوعيته او الكمية، ما يدل على ان المشكلة ليست مشكلة طريقة توزيع الارض وحسب، بل إن هناك عوامل مؤثرة في الناتج الزراعي منها محلية تؤثر في كميته ونوعيته ومنها خارجية تؤثر في مستوى
اسعاره.
الملاحظ ان هناك ظاهرة تطفو على الواقع الاقتصادي الزراعي في البلد، اذ إن العديد من الفلاحين والمزارعين العراقيين اخذوا يتركون حقولهم ومهنتهم الحياتية المعاشية الاساس، التي كانوا يألفونها ويبدعون بها، ويتجهون الى الوظيفة الحكومية.
فالعديد من الفلاحين والمزارعين انصرفوا الى ترك الارض الخصبة كثيرة العطاء، عرضة للتصحر والبوار، في وقت تضطر الجهات المسؤولة لاستيراد الخضراوات والفواكه على اختلاف انواعها وكمياتها من الدول المجاورة او الاقليمية، تلك الدول التي تعاني من شح المياه العذبة والاراضي الزراعية الخصبة والايدي
العاملة.
ان ترك المزارع او الفلاح لارضه حول العراق الى بلد مستهلك بعد ان كانت تسميته (ارض السواد) لكثرة الزراعة فيه والمحاصيل الاستهلاكية، ونتجت عن هذا الضياع والاهمال ظاهرة ارتفاع ملحوظ بالاسعار والمواد الغذائية المختلفة
بانواعها.
ان توفير مستلزمات الزراعة الحديثة، مع دعم دور الجمعيات الفلاحية ومدها بالسلف المالية وتوفير الخزن المطلوب ووسائط النقل الحديثة، كفيلة باعادة تأهيل الانتاج الزراعي واستدامة المحاصيل المطلوبة وتأمينها
للشعب.
ولعلنا نجد ان العديد من اصحاب المزارع او البساتين الخضراء المهملة جراء عدم رعاية الجهات المختصة والاهتمام الدؤوب بهم حولوها الى مقاهي طرق ومحطات استراحة وبيوت سكنية.
الزراعة نفط دائم، ومن هذا المنطلق على وزارة الزراعة اولا ان تعيد خططها الزراعية والاهتمام بالانتاج الزراعي المستديم واستغلال الاراضي لجعلها مثمرة وتوفير مستلزمات اعادة بناء الزراعة وفق خطة مدروسة وموضوعية تواكب التطور لسد هذا العطاء من الانتاج الزراعي
الوطني.