حسين الذكر
لم يعد العالم كما كان قبل عقود، تحوله الى قرية صغيرة يتواصل أبناؤه بكل صغيرة وكبيرة، قد يفرض واقعا جديدا يمس كيان الانسان وعقله، فضلا عن ضمير المجتمع، سواء كان ذلك بتخطيط وأجندة معينة تسعى الى هذا التغيير لأغراض ترتبط بالسياسات، او غير ذلك الكثير من شؤون الحياة المادية، او ان التغيير سيكون تلقائيا كجزء من فلسفة الخلق، التي تعتمد الليل والنهار والتتابع والفصول ومتغيراتها.
اذ لا يمكن أن يبقى ثابتا على هذه الخليقة بالمنطق الديني الذي يقول «كل من عليها فان»، او عبر محطات الزمن التي نلحظها بانفسنا واجيالنا وبيئتنا بشكل مستمر، صحيح في البيئة العربية عامة ما زالت التقاليد والموروثات تسيطر على بعض المفاصل وربما تتحكم في سير الأمور باتجاهات معينة، جراء الأمية السائدة والبعد عن مركز الحاضرة والتحسس والتاثر السلبي، بما تنتجه التقنيات وما يصلنا منه، جراء ضغوطات وحكم شمولي لم يتح للشعب حرية التعلم الفسيح، وافراز الغث من السمين او التعاطي بما يخدم الانسان ويقوم مسيرته وينشط ذاكرته بالشكل الذي يطور من سلوكياته العامة.
بمحصلة نهائية وصل الشعب ما وصل من تماس يومي بموج الانترنت وكذا عوالم التواصل، وان لم تكن تامة الا انها تشكل نافذة جديدة قد تسيطر على مقدرات العقول، وتعد من اهم مؤثراتها التي ينتقل عبرها الانسان الفرد وكذا المجتمع عاجلا ام اجلا رغما او قهرا، فإن محصلة التغيير لا بد ان تنطوي على المظاهر والكوامن بشكل وواقع محسوس، ينبغي أن ندرك آلياته ونتعلم لغته ونكيف انفسانا للعيش معه والتحليق مع ركابه ليس بمفردنا، بل بمعية العالم الاعم الذي ينبغي ان تختفي فيه الجذور والاثنيات والعنصريات واغلب المفرقات والمفرقعات.
ذلك ليس بزمن بعيد، بل نبوءة بدأها سقراط ومعه جميع من سبقوه ولحقوه من المتجهين نحو السماء، وقد نطقها افلاطون وهو يرسم حدود وخرائط وآفاق مدينته الفاضلة التي اساسها الفلاسفة والعقلاء.
ذلك لا يعني نهاية الزمان، ولا يشترط أن يحدث اعجاز بل هو تمهيد لحكومات تعي معنى القرية العالمية ومتطلباتها الإنسانية كوجه من أوجه الحضارة، واهم ما في مستقبل الحكومة الالكترونية التي ينبغي ان نفهم ونستعد للعيش والتعايش معها بتواضع وامل وانسجام واقعي
خلاق.