حميد طارش
وجدت الجرائم منذ وجود الانسان وهي أحد الاسباب التي دفعت الانسان الى العيش في مجتمع، ومن ثم القبول بالدولة والخضوع لما تفرضه من التزامات مقابل حماية حقه بالأمن والحياة وحقوقه الاخرى، لكن هذه الحماية لم تتحقق، والارقام مخيفة حسب الاحصائيات من مصادر رسمية بأن جريمة القتل، وهي الجريمة الأبشع، بلغت «4700» قتيل في عام «2020» ولهذا احتل المرتبة الاولى بين الدول العربية! واسباب الجرائم متنوعة بين الفقر والحاجة للمال، وهذا السبب التقليدي، الذي كان متسالماً عليه بين الدولة والمجتمع لعجزهما عن تأمين المال والعمل للاشخاص، الذين يسلكون طريق الجريمة في سبيل الحصول على المال وبذلك يكون سبب الجريمة وطريقة تنفيذها ونتائجها ومبرراتها معلومة، ثم يأتي الانتقام والكراهية والثأر بسبب النزاعات السياسية والعشائرية والتنمر والشجار، وهذه الجرائم تكثر في المجتمعات التي يغيب فيها الاستقرار السياسي والوعي الاجتماعي، فضلاً عن وجود السلاح المنفلت خارج إطار القانون.
لكن ما يجعل الامر أكثر غموضاً وخوفاً، هي ظاهرة الجرائم البشعة التي انتشرت مؤخراً، الشاب يقتل ابويه واخوته واخواته، والاب يحرق افراد أسرته والأم ترمي أطفالها في نهر دجلة واغتصاب الاطفال وقتلهم وجرائم الخيانة وماشابه، وهذه الجرائم تعد غريبة على قيّم المجتمع، وهي تخلق صعوبة في التعامل معها لعدم معرفة اسبابها، لكن يمكن الوقوف على بعض الاسباب، ومنها تطور للاسباب المذكورة آنفاً، فالعوز والفقر المدقع يجردان صاحبهما من الانسانية حتى مع اقرب الناس اليه، والحرمان والكبت يحولان صاحبهما الى مستهزئ بالقيم، واما شيوع ظاهرة تعاطي المخدرات فهي العامل الفعّال في السلوك الجرمي البشع، وهكذا الامراض النفسية التي تفشت بسبب معاناة العراقيين فانها تدفع بالاتجاه
نفسه.
الجرائم، بصورة عامة، والبشعة منها، بصورة خاصة، بحاجة الى وقفة جادة من قبل المختصين والمعنيين لمعالجة اسبابها والحد من
وقوعها.