الأزمة اليمنيَّة.. من يكتب فصولها الأخيرة؟

آراء 2021/06/09
...

 محمد صالح صدقیان
    لا يختلف اثنان في هذه المنطقة على ضرورة ايجاد حل للازمة اليمنية بعد سنوات من القتال والعنف والجوع، من دون ان يكون هناك حل يلوح في الافق، على الرغم من وجود مساعٍ حثيثة بذلتها دول المنطقة لايجاد حلٍ يرضي جميع الاطراف، وينقذ الشعب اليمني من المأساة التي حلت به. آخر هذه المساعي ما قامت به سلطنة عمان بارسال وفد رفيع المستوى الى صنعاء بداية الاسبوع الحالي.
هذه الزيارة جاءت بتنسيق وتشجيع من الجانب الاميركي الذي زار مبعوثه لدى اليمن «تيم ليندركينغ» المنطقة الخليجية 6 مرات خلال الاشهر الخمسة الاخيرة دون ان يتمكن من ايقاف الحرب. 
المعلومات تتحدث عن ضغط اميركي مارسته واشنطن على العمانيين من اجل القيام بهذه الزيارة. هذه المعلومات تتحدث ان المبعوث الاميركي لمس بشكل واضح قدرة سلطنة عمان على لعب دور الوسيط لانهاء الحرب، بعدما وقف بشكل واضح على السياسة العمانية الهادئة والمؤثرة التي تستطيع ان تلعب دورا في انهاء الحرب في اليمن، على الرغم من معارضة بعض الاطراف اعطاء هذا الدور 
للعمانيين. 
ليس مهما ان ينجح العمانيون في التوصل لحل في اليمن من عدمه مع حركة انصار الله اليمنية، التي تسيطر على المشهد في صنعاء؛ لكن المهم ان عمان تملك من الوزانة السياسية الاقليمية والدولية تستطيع من خلالها ان تلعب دورا مؤثرا في ايقاف عجلة الموت في 
اليمن. 
لقد مارست سلطنة عمان دور «الحياد الايجابي» في جميع الخلافات التي حدثت في الاقليم الخليجي او العربي، وبذلك دخلت وسيطا لاعادة الوئام في حال توفرت لها مثل هذه المساحة. يجب أن لا ننسى الدور الابرز الذي قام به السلطان الراحل قابوس، والذي عرفه العالم بشكل جيد الى تخفيف العداء بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية الايرانية بعد سقوط الامبراطورية الشاهنشاهية، حتى نجح في التوصل للاتفاق النووي بين مجموعة 5+1  وايران عام 2015. 
ما زال العالم ينظر لعمان باحترام ويلجأ اليها للتمهيد لمعالجة مشكلات اقليمية، خصوصا انها لم تنخرط في الصراعات الاقليمية والاضطرابات التي شهدتها عديد الدول خلال العشرين عاما 
الماضية. 
المبعوث الاميركي لليمن لمس القدرة العمانية في العمل على خلق مناخ ايجابي لوقف اطلاق النار في اليمن؛ يقول مركز ابحاث مهم داخل الولايات المتحدة ويضيف ان تشجيع عمان على القيام بتحرك لانهاء الحرب في اليمن، سيخلق هذا المناخ ويمهد لأرضية تفاوضية من شانها الاقتراب من الحل.
امام الوفد العماني استحقاق وهو الانصات لما يقول الزعيم الحوثي عبد الملك في حال تم مثل هذا اللقاء، ولا يبدو ان ما يقوله بعيد عن مطالب الشعب اليمني المحاصر اقتصاديا وسياسيا. 
فقضية المساعدات الانسانية والطبية مهمة لهذا الشعب ويجب ان يتم وضع حد لها من اجل المساهمة بالحل، وأزيد ان هذا المطلب يجب ان يؤدي الى ازالة الحصار وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة لايصال هذه المساعدات، كمقدمة لوقف اطلاق النار لجميع الاطراف المعنية، بناء على مخرجات واضحة وشفافة لدعم مسيرة المفاوضات «اليمنية - اليمنية» وصولا الى تشكيل حكومة انقاذ وطني تستطيع ان تسير في مسار المصالحة اليمنية، لتوحيد الارض اليمنية ووحدة الشعب اليمني الذي فرقته السياسة والتدخلات الاقليمية والدولية. 
ولا اعتقد ان المبعوث الاميركي والجانب العماني يجهلان النتائج التي تمخضت عنها حوارات الكويت واتفاق استوكهولم عام 2015 والتي حاولت ايجاد حل للازمة، لكنها اصطدمت بماكنة الحرب التي لم تستطع ان تجد لها مساحة للحركة في تضاريس اليمن المعقدة والشائكة، بسبب عوامل داخلية وخارجية متعددة. 
يبدو ان جميع الاطراف المعنية بهذه الحرب والازمة الانسانية باتت مقتنعة بضرورة ايجاد حل سياسي وانهاء الازمة بعد فشل خيارات الحرب، وباتت مقتنعة ايضا ان الاستمرار في هذه الحرب لا يمكن له ان يحقق الاهداف، دون مشاركة جميع فصائل الشعب اليمني من الشمال والوسط والجنوب، والاتجاه بمسار الحل السياسي، ما دامت الخيارات الاخرى فشلت في تحقيق الاهداف، التي حاولت فرض مقاسات محددة لهذا الفصيل او 
ذاك. 
إنَّ الاقتناع بضرورة اعطاء المكونات المختلفة حقوقها الشرعية في اطار اليمن الموحد خطوة بالاتجاه الصحيح. وإن الايمان بوجود شرعية لجميع ابناء الشعب اليمني، من دون اقصاء او تهميش من شأنه أن يضع الامور في نصابها الصحيح 
ايضا. 
لديَّ يقين بالحكمة العمانية وبالدور الذي بدأته سلطنة عمان لانهاء الحرب شريطة تجاوب جميع الاطراف الاقليمية والداخلية مع هذا 
الجهد. 
ربما تشكك بعض الاطراف بهذا الدور او تحاول افشاله، لكني لا أعتقد ان ذلك يصب بمصلحة الامن والاستقرار في المنطقة الخليجية ولايخدم مصالح اي دولة في هذه المنطقة. 
اتطلع الى رؤية اليمن سعيدا كما كان. وسوف أكون اكثر سعادة عندما تنجح جهود عربية لانهاء هذه الحرب الجنونية 
الظالمة.