آثار ارتكاب الجريمة المخلة بالشرف في تولي الوظيفة العامة

آراء 2021/06/12
...

  كاظم عبد جاسم الزيدي 
لا شك بان الجريمة قديمة بقدم وجود الانسان والانسان بغرائزه و شهواته قد تدفعه الى ارتكاب افعال من شأنها تكوين جريمة معاقب عليها وفقا للقانون، والتي تؤدي الى فقدان ثقته بين الناس وتتزعزع مكانته في المجتمع، وهناك جرائم ترتكب يكون الباعث فيها هو المعيار منها ما يرتكب بباعث شريف ومنها ما يرتكب بباعث دنيء، ومن هنا تصنف بعض الجرائم بانها مخلة بالشرف
    
 ومخلة بالشرف صفة تقيم مستوى الفرد في المجتمع ومدى ثقتهم به وتعد الجرائم الماسة بالشرف من الجرائم، التي تفصح عن سلوك مشين لمرتكبيها والجرائم المخلة بالشرف لم تحدد في قانون العقوبات العراقي تحديدا جامعا مانعا، وقد اورد المشرع العراقي امثلة على الجرائم المخلة بالشرف في المادة 21/ سادسا من قانون العقوبات وهي السرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الامانة والرشوة وهتك العرض وجرائم الاحتيال وجريمة اصدار شيك بدون رصيد، وقد اشترط المشرع العراقي من خلال ما نص عليه في المادة «7/4» من قانون الخدمة المدنية رقم «24» لسنة 1960 المعدل في المرشح لشغل الوظيفة العامة، ان يكون حسن السمعة والسلوك وغير محكوم عليه بجناية غير سياسية او جنحة تمس بالشرف كما اشارت المادة « 8 / سابعا- ب » من قانون انضباط موظفي الدولة و القطاع العام الى فصل المحكوم عليه من وظيفته مدة بقائه في السجن اذا حكم عليه بالحبس، كما ان هناك بعض القرارات والقوانين نصت على اعتبار جرائم بعينها مخلة بالشرف مثل جريمة الهروب من الخدمة العسكرية وقانون مكافحة الارهاب وجرائم التخريب الاقتصادي. فالجريمة المخلة بالشرف لم ترد في القانون على سبيل الحصر وانما جاءت على سبيل التشبيه، باعتبارها التي تخل باعتبار مرتكبها في الهيئة الاجتماعية، او هي التي ترجع الى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع و المستوى، فكلما كانت تلك المعايير متوفرة في الجريمة كجريمة الزنا وجريمة الاغتصاب او اللواطة وتزييف العملة و تعاطي المخدرات او الاتجار بها وغيرها، من الجرائم توصف بكونها مخلة بالشرف طالما تتوفر فيها تلك المعايير.
 إن الحرص على الارتقاء بالوظيفة العامة يجعل من الضروري العناية باختيار الموظفين واشتراط توفر القدرة وكفاية فيمن يعين في الوظيفة العامة تحقيقا للصالح العام، ومن اثار ارتكاب الجريمة المخلة بالشرف العزل من الوظيفة العامة والفصل ولا يجوز تعيين الموظف الذي تم اقصاؤه من الوظيفة، اذا صدر حكم قضائي بإدانته لثبوت ارتكابه جريمة التزوير، اما اثر الحكم بتجريم المتهم عن الشروع بارتكاب جريمة مخلة بالشرف، الى انه يسري على الشروع الاحكام الخاصة بالعقوبات التبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية المقررة للجريمة التامة، أي انه عند الحكم على الموظف بالإدانة عن جريمة الشروع بارتكاب جريمة مخلة بالشرف سيتم انهاء الرابطة الوظيفية لذلك الموظف كأثر لهذا الحكم.
 اما جريمة اهدار المال العام بسبب الاهمال لم يعتبرها المشرع العراقي من الجرائم المخلة بالشرف، وان هناك بعض القوانين اصدرها المشرع العراقي وحددت بعضا من الجرائم بانها تعد مخلة بالشرف منها القرار المرقم «609» لسنة 1987، حيث اضاف التخريب الاقتصادي الى الجرائم المخلة بالشرف وكذلك القرار المرقم «68» الذي اعتبر جريمة المراباة من الجرائم المخلة بالشرف وكذلك جريمة تسريب او افشاء او اذاعة او تداول اسئلة الامتحانات العامة وجريمة اخراج الادوية و المستلزمات الطبية و الصحية و غيرها بصورة غير مشروعة من المؤسسات الصحية الرسمية والجمعيات ذات النفع العام، وقد قرر مجلس الدولة في قرار له بان الحكم على موظف بعقوبة عن جريمة مخلة بالشرف، لا يستتبعه عزل الموظف من الوظيفة ما لم تشكل الجريمة قرينة على أن بقاءه في خدمة الدولة مضرا بالمصلحة العامة. وان الحكم بالعقوبة في جرائم الرشوة او الاختلاس او السرقة يستتبعه بحكم القانون عزل الموظف من الوظيفة ويعاد الموظف المحكوم عليه عن جريمة الى الوظيفة بعد اخلاء سبيله من السجن، ما لم تكن من جرائم الرشوة او الاختلاس او السرقة وان الادارة عندما تكتشف ولو بعد حين أن احد موظفيها كان عند تعيينه لم يتوفر فيه احد شروط التعيين تعمل على اقصائه من الوظيفة. ونجد من الضروري بجمع الجرائم المخلة بالشرف في نص موحد، خصوصا انها متناثرة في اكثر من تشريع منها قانون العقوبات وقوانين العقوبات العسكري وقانون عقوبات قوى الامن الداخلي و ضرورة، اضافة فقرة الى قانون انضباط موظفي الدولة و القطاع العام عند فرض عقوبة العزل على الموظف بأنهاء الرابطة الوظيفية، وضرورة اعتبار مرتكبي الجرائم الماسة بالمال العام من الجرائم المخلة بالشرف، لما لهذه الجرائم من اهمية بالغة في الحفاظ على المال
 العام.