الأكثر فقراً والأقل اهتماما

آراء 2021/06/12
...

 علي الخفاجي
 
 الفقر وخط الفقر ممكن أن يختزل بتعريف بسيط وهو ؛ عدم وجود مصدر رزق دائم ومستدام وهو على مستويات، فمهما ساءت الحالة الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وفي هذه الحالة نستطيع تسميته الفقر متعدد الجوانب والأبعاد، فهو ظاهـرة عالمية موجودة منذ زمنٍ بعيد، فمتى ما وجد الغنى وجد الفقر، إذ إن هذين المصطلحين متلازمان منذ بداية الكون.
 عندما تعلن وزارة التخطيط المحافظات الأكثر فقراً نجد دائماً وعلى مدى سنوات طوال أن محافظتي المثنى والديوانية تحتلان المراكز الأولى بأعلى نسبة فقر، تصل أحياناً الى أكثر من 50 بالمئة ومن ثم ميسان وبعدها ذي قار ثم تليها المحافظات العراقية الأخرى كلاً حسب نسبته، بالتأكيد نسب الفقر وتداعياتها لها أسباب متعددة، منها عدم وجود تخطيط وسياسة واضحة للقضاء على هذه الظاهرة التي بدأت بالانتشار سريعاً أو للتخفيف منها على أقل تقدير، كذلك عدم وجود رغبة ذاتية من قبل الفرد على تطوير إمكانياته وفتح آفاق متعددة، دون الاعتماد على الدعم الحكومي، عندما يضعف الاهتمام بالقطاع الزراعي وهنا نتكلم عن المحافظات التي تعنى بالمنتوجات الزراعية، ترتفع بالتأكيد نسبة الفقر، سابقاً كانت تعتمد محافظة الديوانية على الزراعة حيث تمثل نسبة الزراعة فيها 67 بالمئة، وكذا الحال في ميسان وبابل كانت نسبة الاعتماد على الثروة السمكية والزراعة فيهما تصل الى 58 بالمئة والحال يسري على ديالى وصلاح الدين والبصرة وغيرها من المحافظات التي بدأت معاناتها بالازدياد.
العراق عبر تأريخه الطويل عاش فترات من الرخاء والتقدم والرفاه والتطور بمختلف جوانبه الإقتصادية والاجتماعية والصحية، ومن المفارقات هو وجود ثروة طبيعية وبشرية كبيرة وإمكانيات طبيعية متعددة واتساع الأراضي الزراعية ووفرة المياه، إضافة الى وجود المعادن وبالذات النفط الخام والغاز الطبيعي بالمقابل نسبة الفقر في كثير من محافظاته كبيرة.
 انتشار الفقر في أي مكان وزمان يرجع لسببين رئيسين هما، ندرة المورد أو سوء إدارة المورد، في العراق المعالجات والحلول لهذه الظاهرة كثيرة، لكن تحتاج الى إرادة وجدية لطرح هذه الحلول، فيتطلب إعادة النظر بالبرامج الاقتصادية لتنويع مصادر الدخل دون الإعتماد على مصدر وحيد وهو النفط ويتم ذلك بشجيع القطاعات الأخرى الصناعية والزراعية، كذلك وجوب التعاون بين القطاع العام متمثل بالدولة، والقطاع الخاص متمثل بالافراد والشركات الناشئة وفتح باب الاستثمار على مختلف القطاعات وبالأخص القطاع الزراعي لتحقيق تطور ملموس يشعر به المواطن وبالتالي تقل نسبة الفقر على المستوى البعيد.