حصر السلاح بيد الدولة

آراء 2021/06/13
...

 القاضي زهير كاظم عبود 
بصدور الدستور العراقي وحظر تكوين الميليشيات العسكرية خارج إطار القوات المسلحة وفق الفقرة ب أولا من المادة 9 منه، يكون السلاح حصرا بيد الدولة العراقية، ومع ان المراحل التاريخية التي مر بها العراق جعلت السلاح في متناول الجميع، بل وجعلت من عملية بيع السلاح تجارة رائجة ومنتشرة بشكل ملحوظ، حتى أن أحد المواطنين فتح له صفحة من صفحات التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» يعرض فيها المتاجرة وبيع انواع السلاح والعتاد الحربي، وبشكل علني ولم يتم الإعلان عن الإجراءات القانونية المتخذة بحقه، كما أن هناك اسواقا معروفة في بغداد وبعض المحافظات تبيع السلاح علنا أو بشكل خفي. 
وغالبا ما تظهر لنا بعض أنواع الأسلحة الخفيفة منها أو حتى المتوسطة والثقيلة خلال المنازعات العشائرية أو الشخصية، او خلال الاحتفالات أو تعبير عن المشاركة في المآتم والأحزان والمناسبات، وهي جميعها من الأسلحة العسكرية التي تتعارض مع حق الأنسان في الحياة والأمن، وتخالف 
القانون. 
في العام 1968 صدر قانون الأسلحة رقم 151، ولعدم مواكبته للتطورات الحاصلة، ولغرض وضع ضوابط جديدة في حيازة أو حمل السلاح صدر قانون الاسلحة رقم 13 لسنة 1992، وبموجب هذا القانون تم تشديد العقوبة على مهرب السلاح وعلى الذي يتاجر به ويحوزه او ينقله او يصنعه، وقد نصت المادة «27» المعدلة منه على العقوبات التالية: 
اولا: ا - يعاقب بالسجن كل من هرب اسلحة او اجزاءها او عتادها او حازها او حملها او نقلها او اتجر بها او أصلحها او 
صنعها.
ب - وتكون العقوبة الاعدام او السجن المؤبد لكل من قام بتهريب الاسلحة الحربية او اجزائها او عتادها بقصد اشاعة الارهاب او الاخلال بالأمن العام او دعم اي تمرد ضد 
الحكومة.
ثانيا: ا - يعاقب بالسجن كل من هرب اسلحة نارية او اجزاءها او عتادها او قام 
بصنعها.
ب - وتكون العقوبة الاعدام او السجن المؤبد لكل من قام بتهريب الاسلحة النارية او اجزائها او عتادها بقصد اشاعة الارهاب او الاخلال بالأمن العام او دعم اي تمرد ضد 
الحكومة.
وكانت المادة الأولى من القانون قد عرفت انواع الأسلحة: 
اولا: السلاح الناري: المسدس والبندقية الاعتيادية غير سريعة الطلقات وبندقية الصيد، ولا يشمل المسدسات التي تستعمل في الالعاب الرياضية والبنادق الهوائية.
ثانيا: السلاح الحربي: السلاح المستعمل من القوات المسلحة عدا ما هو مبين في البند اولا من هذه المادة.
ثالثا: العتاد: الاطلاقات والخراطيش المستعملة في السلاح الناري وكل جزء من
 اجزائها.
رابعا: العتاد الحربي: الذخيرة المستعملة في السلاح الحربي.
خامسا: السلاح الاثري او التذكاري او الرمزي: السلاح الذي يقتنى بدون عتاد للزينة او التذكار الموجودة في الاماكن المقدسة والمتاحف 
العامة.
سادسا: سلطة الاصدار: وزير الداخلية او من يخوله والمحافظ لإصدار الاجازات المنصوص عليها في هذا القانون.
 واستثنى القانون من احكامه الاسلحة الاثرية والتذكارية والرمزية، ونظم القانون الأشخاص الذين يتم منحهم اجازة الحمل والحيازة، والذين استثناهم القانون من هذه 
الإجازة. 
وبعد احتلال العراق أصدر الحاكم المدني أمرا بقصد السيطرة على السلاح بعد أن كان قد أمر بحل القوات المسلحة، واباح للناس بشكل غير مباشر ان تقوم بالاستحواذ على مخازن السلاح العسكرية، وهي ظاهرة لم يسبق لها مثيل في التاريخ العراقي الحديث، وخطيئة لها نتائج سلبية خطيرة على المستقبل العراقي، وبعد هذه الفترات الحرجة في التاريخ العراقي الحديث نحن بأمس الحاجة الى قانون جديد للأسلحة، يأخذ الواقع العراقي ومعاناة المواطنين، وتأثير انتشار الأسلحة النارية في الشارع العراقي، واستعمالها بشكل غير قانوني، ومجرد استعمال السلاح في الجرائم يجعل عقوبتها تصل الى الاعدام في نصوص عقابية 
عديدة. 
إن حيازة أنواع الأسلحة من دون ضوابط بيد المواطنين، يشكل انتهاكا صارخا لمبادئ الأمن الوطني، ولحقوق الانسان، ولكيان الدولة، ويشكل ايضا مساهمة فعالة في إضعاف سلطة الحكومة، وانتشار الفوضى ودعم الإرهاب، وتتصدى بالضد لإسهامات الحكومة في عملية حصر السلاح بيد الدولة وتنظيم حالة الحمل والحيازة، كما انه يشكل تهديدا قائما للحياة المدنية، ويدخل في النزاعات والخلافات كأدوات خطيرة تنهي حياة 
الانسان. 
كان يمكن للحكومة ان تقوم بخطوات تنفيذية تسهم في السيطرة على عدد أو قسم من هذه الأسلحة بدفع تعويضات لمن يقوم بتسليم السلاح، وتؤكد على الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والسريعة الطلقات، وعلى اجزاء السلاح وعلى الكواتم المستعملة في عمليات القتل الغادر والاغتيالات، كما كان يمكن للحكومة ان تدعو شيوخ العشائر ممن تتوسم فيهم الوعي والحس الوطني للمساهمة في هذا المجال، إضافة الى ما تمثله فتاوى وتعاليم المراجع الدينية من كل المذاهب من تأثير في السيطرة على هذه الأسلحة بتحريم استعمالها وحيازتها دون اذن قانوني او اجازة معتبرة، كما تتطلب المرحلة الراهنة ليس فقط السيطرة على السلاح، انما نشر الثقافة الوطنية في خطورة وجود الأسلحة بيد المراهقين والشباب ضمن المجتمع، ولجوء بعض العشائر الى انهاء نزاعاتها باستعمال الأسلحة، بالإضافة الى تفعيل قانون الأسلحة وتطبيق العقوبات المدرجة فيه مع تطبيق مبادئ الظروف المشددة للفعل عند فرض العقوبة، بالنظر للوضع الراهن الذي يمر به 
العراق. 
انتشار السلاح من دون ضوابط يمنح الفرصة للإرهابيين أن يستعملوا السلاح كأدوات في القتل، ومن ثم العودة الى بيوتهم «دون لحى» محتفظين بالسلاح تحت ذريعة حماية انفسهم أو لمجرد الحيازة، كما أن انتشار السلاح خارج إطار الدولة يسهم في اختلال الأمن وتوسع العمليات الإرهابية والإجرامية داخل العراق، ويعكس بشكل ملموس حالة من الحالات السلبية التي يعاني منها مجتمعنا، والتي تتطلب حلا جذريا وسريعا، يساهم في تقييد او اضعاف العنف الذي يسود المجتمع
 العراقي. 
كما ان انتشار السلاح بهذا الشكل يشكل عائقا كبيرا في نجاح الانتخابات، بل ويمكن ان يؤدي الى فشلها في ظروف حرجة ومفصلية لتثبيت دعائم دولة القانون وسيادته على
 الجميع.