الانتخابات الإيرانيَّة.. فصل مسار فيينا ودعم خيارات الناخب

آراء 2021/06/13
...

 محمد صالح صدقيان 
ايران على موعد مع انتخابات رئاسية مهمة على خلفية تحديات كبيرة إن كانت على المستوى الداخلي او على المستوى الخارجي. 
منذ اربعين عاما والدورات الانتخابية كانت تشكل تحديا كبيرا للتهديدات، التي واجهتها ايران بسبب مواقفها وثوابتها التي تمسكت بها بوصفها هوية الثورة وضميرها، التي دفعت من خلال ذلك الضرائب الباهظة من اجل تجذير هذه الهوية وتعزيز تلك الثوابت. 
تحدي الانتخابات تجسد في عاملين: الاول نسبة المشاركة والثاني القدرة على دعم الديمقراطية الشعبية من خلال مشاركة المواطنين في اختيار ممثليهم في مجلس خبراء القيادة المعني بالمرشد الاعلى؛ والرئاسة الايرانية؛ والبرلمان اضافة الى المجالس البلدية.
لقد سعى النظام  والقيادة لجعل الدورات الانتخابية بمثابة استفتاء جماهيري على «مشروعية» النظام و»مقبوليته» لدى الاوساط الشعبية وبالتالي هو كان يهدف ارسال رسائل متعددة الاتجاهات، مفادها بأن النظام ما زال يستمد قوته وشرعيته من الشعب؛ وكان يهدف الى اقناع مصادر التهديد ان المراهنة على فصل الشارع عن النظام او القيادة خيار خاسر لايمكن تحقيقه. اللافت إن جميع التيارات السياسية الايرانية آمنت بهذه النظرية وهي تتطلع الى واقع افضل وتسعى لمواجهة التحديات مع الاخذ بنظر الاعتبار الاصلاحات، التي يجب ان تشمل المرافق المتعددة من اجل مواجهة المشكلات التي تواجه المواطن في عديد 
الدوائر. 
لا أحد يعتقد أن ايران «المدينة الفاضلة» التي تخلو من نقائص ومشكلات وتقاطعات في الاقتصاد والثقافة والسياسة والاجتماع؛ ولذلك كان واضحا في المناظرات التلفزيونية للمرشحين سعيهم لطرح البرامج المتنوعة، لتصحيح المسارات والقضاء على عوامل الفساد والتلكؤ من خلال طرح رؤى وبرامج تخدم هذه الاهداف.
هناك قلق عند عديد الاوساط بشأن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات التي تجرى في 18 يونيو حزيران الحالي، بسبب طبيعة قائمة المرشحين، التي وافق عليها مجلس صيانة الدستور للدخول في السباق
الانتخابي.
في تقرير أعدّه «المركز العربي للدراسات الايرانية» أوضح أن الاصوليين المحافظين والاصلاحين يتقاسمون المجتمع الايراني بنسبة تاييد لاتتجاوز 30 بالمئة لكل منهما. بمعنى انهم يأتمرون بأوامر أحزابهم ويتأثرون بمواقفهم وهم بعبارة اخرى «محازبون منتظمون». وهناك «اغلبية صامتة» بنسبة 40 بالمئة تتشكل من 10 بالمئة من المؤيدين للنظام، من دون تحزب وانتماء لهذا التيار او ذاك، وانما يتأثرون بالطبيعة العامة للنظام، اضافة الى 30 بالمئة يمكن وضعهم في خانة المستقلين وغير المهتمين بالوضع السياسي وتطوراته، لأسباب متعددة تتعلق بالثقافة والعمل والمسافة من التيارات السياسية. وعادة ما تكون «الاغلبية الصامتة» هي المادة التي تعمل عليها التيارات السياسية الحزبية والفعاليات الدينية والمهنية، لكسب اصواتهم التي تعد مهمة في تغيير النتائج وفي نسبة المشاركة. 
تقرير «المركز العربي للدراسات الايرانية» يعتقد ان نسبة المشاركة في هذه الانتخابات ستتراوح بين 45 بالمئة و55 بالمئة، استنادا للمعطيات الاولية التي تتعلق بطبيعة المرشحين، الا ان مفاجئة زيادة هذه النسبة غير مستبعدة – حسب تقرير المركز المذكور – استنادا لمتغيرات قد تحدث في المجتمع الانتخابي، كما حدث في التجمع الجماهيري الملفت الذي حدث للمرشح ابراهيم رئيسي في مدينة الاهواز بمحافظة خوزسستان.
ويرى تقرير المركز المذكور ان المنافسة الانتخابية ستنحصر عند مرشحي التيار الاصولي خصوصا اذا حدثت انسحابات «متوقعة» لصالح مرشح اساس ايا كان اسمه؛ في الوقت الذي لم تدعم جبهة الاصلاحيين اي من المرشحين الاصلاحيين عبد الناصر همتي محافظ البنك المركزي؛ ومهر على زادة معاون الرئيس الايراني الاسبق. 
في التيار الاصولي هناك خمسة مرشحين هما محسن رضائي وابراهيم رئيسي وسعيد جليلي وقاضي زادة هاشمي وعلي زاكاني. لاتوجد مؤشرات على انسحاب رضائي لصالح اي من المرشحين في الوقت الذي تتحدث المصادر عن امكانية انسحاب المرشحين علي زاكاني وقاضي هاشمي لصالح المرشح ابراهيم رئيسي. تبقى قضية سعيد جليلي هل سينسحب لصالح رئيسي ام لا؟ هناك معادلات اعتقد بانها ستستمرتعمل حتى ليلة الانتخابات قبل ان تقرر بقاءه من انسحابه لصالح المرشح ابراهيم رئيسي. 
في الاوساط الاصلاحية هناك اتجاه غير مركزي يعمل لدعم عبد الناصر همتي محافظ البنك المركزي بالشكل الذي يستطيع التأثير في مجريات العملية الانتخابية ونقلها لمرحلة ثانية؛ وفي هذه الحالة يتم تفعيل الوسط الانتخابي لفوز همتي في المرحلة الثانية. لكني شخصيا لااميل لمثل هذا السيناريو الذي اراه بعيد
 المنال.
الجميع هنا في ايران يعتقد ان العقوبات الاقتصادية أضرت كثيرا بالاقتصاد؛ والمواطن الايراني شعر بهذه العقوبات ولمس حدتها لكن ذلك لن يعفي حكومة الرئيس روحاني من سوء الادارة، التي ضاعفت من حدة هذه العقوبات وجعلته يبحث عن حل اخر؛ ولذلك سعت الدوائر الفاعلة بابعاد مفاوضات فيينا عن العملية الانتخابية ،وجعلتها مسارين منفصلين لترك الناخب يختار من يقتنع به دون تاثيرات خارجية عن الواقع.