الاهتمام العالمي بالتوعية بشأن الإساءة للمسنين

آراء 2021/06/13
...

 أ.د. عبد الواحد مشعل
 
يعيش المسنون على هامش الحياة الاجتماعية ويحيون حياة صعبة يظهر فيها اغتراب قاسٍ في ظروف تزداد تعقيدا، وتتناقص فيها فرص العيش بسلام في كنف أسرة ممتدة، حتى بات المجتمع الحديث يعامل المسن بطريقة تختلف عما كان يعيشه في ظل الجماعات الاجتماعية الكبيرة ذات العلاقات المتضامنة والمتماسكة، الذي كان بمثابة زعيمها ورائدها ومدبر شؤونها ومصدر عقلانيتها وحكمتها، وإذا كانت ظروف الحياة المتغيرة فرضت شروطاً جديدة على الإنسان، فجعلته يعيش في حركة دائمة معتمدا على فرديته، وراكضا وراء مصالحه ومنغمسا بعلاقاتها المتشابكة، فان المسنين في ظل هذا الواقع ازدادوا تهميشا وأصبح وجودهم في بعض الأحيان عبئاً عليهم قبل أن يكون عبئا على تلك الأسر المتغيرة، لذا كانت محاولات الإنسان في العصر الحديث تنصب على إيجاد بدائل ترعى المسنين بأسلوب مرن، وتلبي ما يحتاجونه من رعاية، مع وضع برامج توعوية بذلك، حتى ذهب العالم الى تخصيص يوما عرف بيوم التوعية بشأن الإساءة للمسنين، اعترافا بما يعيشه المسنون من ظروف قاهرة، لاسيما في المجتمعات التقليدية أو النامية، ومنها مجتمعنا العراقي بظروفه المتغيرة، خاصة في ظل انتشار مرض «كوفيد-  19»، والذي تضرر منه المسنون أكثر من الفئات العمرية الأخرى، نظرا لما يشوب هذه المرحلة من العمر من ضعف الجسم ووظائفه، وما يعاني الكثير منهم من إمراض مزمنة، فضلا عن الظروف التي يعيشها المسنون سواء في المحيط الأسري أم في المجتمع العريض من تهميش وإهمال واغتراب، لذا فان الواجب الإنساني يدعوننا جميعا الى الاحتفال بهذا اليوم، الذي يوافق الخامس عشر من حزيران من اجل تذكير العالم بحقوق المسنين الاجتماعية والصحية والمعيشية، كذلك العمل من اجل أن يكون هذا اليوم عنوانا أنسانيا عريضا، يذّكر الناس بضرورة الاهتمام بهذه الشريحة، وإعطائها مكانة مميزة من الرعاية الاجتماعية، إذ إن الأوان للتفكير بهذه الشريحة المهمة، التي ضحت من دون كلل وملل،في بناء مجتمعاتها عندما كانت يافعة، وفي هذا السياق يقع على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بذل كل طاقاتها من اجل تحديث برامجها، وتفعيل القوانين الخاصة بالرعاية الاجتماعية على وفق طرق حداثوية تعترف بأدوارهم البناءة في خدمة المجتمع، وتخصص لهم رعاية خاصة تلائم ظروفهم وتلبي حاجاتهم المختلفة، فالاهتمام العالمي بالتوعية بشان الإساءة للمسنين إنما هو الطريق السليم للقيام بمجتمع يراعي ويحترم المسنين، ما يفرض على الحكومة العراقية الاضطلاع بدور ايجابي في تفعيل الاتفاقيات الخاصة بحقوق المسنين ورعايتهم من اجل بناء، وطن يقدر حقوق الإنسان عامة وفئة المسنين خاصة.