ريسان الخزعلي
يتشكل مزاج الشعب، أي شعب، بفعل عوامل متعددة ومتنوعة الجذور : تاريخية، دينيّة، سياسية، بيئيّة، اقتصادية، حضارية، مدنية، اجتماعية، عسكرية، نفسية ..الخ .
إن تعريف/ مزاج الشعب/ كما جاء في معجم علم الاجتماع ماهو إلّا، وبعبارة موجزة : السلوك والأخلاق . وكثيراً مانسمع بأنَّ الشعب «س» له مزاج رائق ويختلف عن الشعب «ص» كون مزاجه حاداً، وإنَّ الشعب «ع» يختلف عن الاثنين كون مزاجه عاطفياً، وأنَّ الشعب «م» مزاجه نفسي انتقائي غير ثابت..، وهكذا تتزاحم وتتباين توصيفات مزاجات الشعوب في ما بينها .
يؤثر مزاج الشعب في الكثير من المسارات الحياتية، وأحياناً يتحدد بموجبه شكل العلاقة بين الشعب والسلطة أو الحكومة التي تُدير شؤونه العامة، ولا يسع المجال هنا لذكر المسارات، وسنكتفي بمثال توضيحي، ألا وهو فن التفاوض الذي يجري بين دولة وأخرى في المجالات الاقتصادية والتجارية والتسليح العسكري وغيرها، إذ لا بد للوفد المفاوض أن يعرف مسبقاً - من خلال الادبيات و الدراسات الاجتماعية المتداولة الموّثقة - طبيعة مزاج شعب الوفد المفاوض المقابل له، وبذلك يضمن استمرار التفاوض باتجاه تحقيق أهدافه. ومن دون هذه المعرفة سيواجه الوفد عقبات ترتبط بالمزاج وتحول دون إبرام العقود.
إن أوّل مَن استخدم اصطلاح/ مزاج الشعب/ هو الفيلسوف والمفكر «جون ستيوارت» في كتابه المعروف «نظام علم المنطق» المنشور عام 1843 الذي أوضح فيه، ما يجب على العلوم الاجتماعية أن تقوم به لتوضيح العلاقة بين العقل البشري والعوامل المتعددة التي أشرنا إليها في استهلال هذه الإشارة، وبالتالي الوصول إلى تحديد العناصر التي بسببها يتشكل مزاج الشعب. وقد تطوّرت الدراسات اللاحقة لكتاب «نظام علم المنطق» وأصبحت الأساس النظري لعلم النفس الاجتماعي. وهكذا لا بدَّ لنا، بعد هذا التوضيح المختزل، أنْ نلتفت إلى دراسة العوامل التي تشكّل ويتشكّل فيها مزاج شعبنا العراقي من خلال البحوث والدراسات الاجتماعية المتخصصة، آخذين بالاعتبار التحولات التي حصلت بعد عام 2003 كي نستعيد الإشراقات العالية في سلوك مجتمعنا
الأصيل.