سلطة العشيرة مقابل سلطة القانون

آراء 2021/06/15
...

  اياد مهدي عباس 
 
 تمر الدول والمجتمعات خلال مسيرتها الطويلة بمتغيرات اجتماعية وسياسية كثيرة تؤثر بشكل او باخر في سلوك افرادها ونمط حياتهم.
ومن بين هذه المتغيرات وأخطرها على المجتمعات هي المتغيرات التي ينتج عنها ضعف المنظومة القانونية والامنية، التي تعد الضامن الاساسي لحماية المجتمع والمسؤولة عن تنظيم شؤون افراده.
 إن ضعف سيادة القانون في المجتمع يؤدي الى زعزعة ثقة المواطن بقدرة الدولة على حفظ الامن، وحفظ ارواح الناس وممتلكاتهم، لذا يقوم المواطنون في مثل هكذا ظروف بالبحث عن بدائل توفر لهم ملاذات ىمنة تشعرهم بالطمأنينة والامان، فكانت العشيرة هي الركن البديل الذي يلجأ اليه الناس، فأصبحت العشيرة وفروضها وتقاليدها هي البديل عن القانون، علما ان تقاليد العشيرة لاتنتمي الى مفهوم الدولة الحديثة التي يتساوى فيها الجميع امام
القانون. 
وبعد بروز دور العشيرة بشكل واضح في مجتمعنا وتراجع دور القانون ظهرت على الساحة العراقية أنماط سلوكية دخيلة على المجتمع العراقي، تتمثل بالدگة العشائرية والاعتداءات المستمرة على دوائر الدولة وموظفيها وانتشار ظاهرة فوضى السلاح وغيرها من الممارسات الشاذة والدخيلة. 
وعلى الرغم من أن قيام الدولة بمحاولات جادة لضبط ايقاع المجتمع وبسط الأمن والأمان فيه واصدار بعض القوانين الرادعة لهذه الانماط السلوكية الغريبة، حيث تعاملت الدولة مع الدگة العشائرية على أنه فعل ارهابي يحاسب عليه القانون وفق المادة الثانية لقانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 الا ان تجاهل بعض العشائر لهذا القانون وعدم الجدية في تطبيقه من قبل الاجهزة المعنية، زاد من مكانة العشيرة وسطوتها في المجتمع وتراجع دور القانون بشكل واضح، ما أدى ذلك الى زيادة ملحوظة في معدلات الجريمة وتنامي الشعور بالكراهية والرغبة في الانتقام وغياب روح التسامح بين مكونات المجتمع وتفكيك اواصر المحبة بين افراده. 
وحينما نسلط الضوء على سلوك بعض افراد العشائر وتحديهم للقانون واستقوائهم، لم نقصد من ذلك تقليل شأن العشيرة والانتقاص من قيمها الاصيلة ودورها المهم والمؤثر في تاريخ العراق القديم والحديث، انما القصد هو تشخيص أسباب ضعف سلطة القانون مقابل سلطة العشيرة والوقوف على أهم نتائجه السلبية على المجتمع 
العراقي.