وجدان عبدالعزيز
رافقت المعرفة الإنسان منذ تفتح وعيه وتطورت مع اتساع مداركه وتوسعت، واخذت مدياتها التصاعدية، حتى تمثلت بالثورة الثالثة بعد الثورتين الزراعية والصناعية، وكانت الثورة الثالثة، قد تمثلت بثورة العلوم والتقانة فائقة التطور في المجالات الالكترونية والنووية والفيزيائية والبيولوجية والفضائية، وكان الفتح الكبير، قد تمثل بثورة المعلومات والاتصالات، التي مكنت الإنسان وجعلته يسيطر على الطبيعة ويختصر المسافات المكانية والزمانية وبكلف فاقت التصور. إذن عامل التطور المعرفي له تأثيراته في الحياة إلى جانب العوامل الأخرى المادية والطبيعية، مما ساهمت على التأثير مثلا في الاقتصاد الجديد، فبدلا من أن تكون منظومات توازن مغلقة، أصبحت تعتمد على مصادر أخرى غير الطاقة، وهي مصادر المعرفة والمعلومات وادارتها وفق تطور التقانة الالكترونية، وبالتالي أصبحت المعرفة المكون الرئيس للنظام الاقتصادي والاجتماعي المعاصر، مما سوغت لظهور مفاهيم الاقتصاد الرقمي والتجارة الالكترونية، والتي تشكل المعرفة جوهرا لها، ومن مستلزمات الظهور الجديد للاقتصاد المعتمد على المعرفة هي:
ــ زيادة الإنفاق المخصص لتعزيز المعرفة بدءا من المرحلة الدراسية الابتدائية، حتى التعليم العالي.
ــ خلق وتطوير رأس المال البشري، أي تطوير قابلية العاملين وزيادة الكفاءة لديهم.
ــ إدراك المستثمرين والشركات لاقتصاد المعرفة هذا، بحيث إن الشركات الكبرى (العابرة للقوميات)، اسهمت في جزء من تعليم العاملين لديها .
إذن أي خطة للنهوض بالاقتصاد وتطويره لا بد من التفكير والتخطيط في تطوير المعرفة الالكترونية وإدارة هذه المعرفة، ليكون التنافس في مصاف الاقتصاديات العالمية المتطورة، فمثلا (بلغ إنفاق الدول الغربية في هذا المجال 360 مليار دولار عام 2000م كانت حصة الولايات المتحدة لوحدها 180 مليارا)، وحتى تتكامل عملية النهوض بالاقتصاد العراقي الذي بدأ يتعافى، لا بد من وضع القدم في ركب الثورة الثالثة بتخطيط واقتران هذا التخطيط بميزانية خاصة، تحاول إدخال هذه المعرفة من مرحلة الابتدائية صعودا بالمراحل الأخرى، ومحاولة زج ملاكات الدولة وموظفيها في دورات تدريبية، لتأهيلهم في هذا الجانب، واعتبار معرفة الحاسوب والاتصال بالشبكة العالمية من شروط نجاح
الموظف.
وكان تقرير المعد في عام 2021 من قبل "الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم" يؤكد دور منصات العمل الرقمية في تحويل عالم العمل، توفر منصات العمل الرقمية فرص عمل جديدة، بما في ذلك للنساء والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب والمهمشين في أسواق العمل التقليدية، وهي تسمح أيضاً للشركات بالوصول إلى قوة عاملة مرنة كبيرة ذات مهارات متنوعة، مع توسيع قاعدة عملائها.