ا.د. عامر حسن فياض
يترنح جواب سؤال الانتخابات المبكرة بين الفتور والحماسة.. لماذا؟ ما هي اسباب الحماسة؟ ما هي اسباب الفتور؟
نعم في الانتخابات يحصل التزوير بمستويات من مقبولة الى غير مقبولة، ونعم لمخرجات الانتخابات اسماء تستحق النيابة واخرى نيابة صدفة.. نعم المقاطعة قد تحصل غير انها، بالأخير، لا تفسر الا بوصفها تعبيرا عن هشاشة الوعي السياسي.
لقد توصل العقل البشري الى أطروحة الثقة بين الحاكم والمحكوم عندما اقتنع ان الرضا عن الحاكم وتواصل المقبولية له تغيرت عبر التاريخ من الاعجاب بقوة الحاكم او اعتماد حكمته او القناعة بحسبه ونسبه ليصل هذا العقل العاقل اخيرا الى قبول الحاكم بانتخابه لدوافع وبواعث عديدة قد تجمع كل هذه المواصفات (القوة– الحكمة– الحسب والنسب) او بواحدة منها او ببعضها، بيد ان الثقة بالحاكم، في عصرنا، لا تنتهي عند انتخابه، لأن الرضا والمقبولية لا تتواصلان من دون ان يحقق الحاكم المنتخب منجزا.. وعليه فإن مقبولية المنتخب وديمومتها تقوم على ركيزتين لا ركيزة واحدة الا وهما الشرعية لبدء المقبولية بالانتخابات والشرعية لتواصل المقبولية بالانجازات.
والحكومة الحالية ينبغي ان تكون الفاعل المحرك والمسؤول الذي يفهم ويتفهم أن الانتخابات هي دم الجسد السياسي، فإن فسدت سيكن العراق في ازمة عنقودية مغلقة وإن صلحت ستكن الانتخابات مفتاحا لكل مغاليق الازمات التي يعانيها الجسد السياسي وغير السياسي في العراق غير المستقر بعد والذي تتكالب عليه الخصوم والاعداء من داخل الجلد الوطني ومن خارجه.
ولما كان وسيكون الامر كذلك فأمام الحكومة ان تستلم مفتاح الانتخابات وتحسن استخدامه وتقتنص فرصتها الماسية لتسجل بصمتها التي لا تستطيع ان تسجل غيرها.. فمن الوهم أن تؤكد لنا الحكومة أنها ستسجل بصمة انهاء الفساد اوالارهاب وكل بقاياه.. ومن الوهم ان تؤكد لنا الحكومة انها ستسجل بصمة التنمية المستدامة.. ومن الوهم ايضا ان تسجل بصمة استكمال السيادة و امامها فقط فرصة تسجيل بصمة انجاز والانتخابات المبكرة، لاسيما انها استطاعت ان تستجيب لمطالب الحراك الشعبي الغاضب المشروعة، وان تنجز معظم الخطوات المتصلة بالاستعداد والتحضير للانتخابات المبكرة، بدءا من استبدال ادارة الانتخابات بمفوضية جديدة وتعديل النظام الانتخابي واستكمال نصاب اعضاء المحكمة الاتحادية وتوفير المستلزمات اللوجستية المالية والفنية، ولم يبق أمامها سوى توفير البئة الآمنة لإجراء عملية الاقتراع وضمان الرقابة لإثبات نزاهة الانتخابات.
بعبارة أخرى ان ما تبقى لاستكمال الحكومة بصمتها الايجابية المتمثلة بانجاز الانتخابات المبكرة والمتمثل بتوفير بيئة امنة للانتخابات يقتضي اصرار الحكومة على اتخاذ الاجراءات الحقيقية الكفيلة، بتثبيت هيبة الدولة والبدء الفعال بمحاسبة الفاسدين وحصر السلاح بيد الدولة بمؤسساتها العسكرية والامنية الوطنية فقط من جهة، والاصرار الاخر على مراقبة الانتخابات من جهات رقابية داخلية وطنية ودولية موثوقة لضمان نزاهة الانتخابات في كل مراحلها من مراقبة حملات الدعاية الانتخابية، مرورا على مرحلة الاقتراع وصولا الى مرحلة فرز الاصوات واعلان النتائج.
باختصار شديد إن بصمة الحكومة الحالية الايجابية لكي تسجل للتأريخ فأنها تتمثل بإنجاز الانتخابات المبكرة لا غير، وعندما لا تكون بوصلة اهتمامها هذه المهمة فإن منسوب الفتور سيعلو ومنسوب الحماسة للانتخابات سيفقد المد ليعاني الجزر.