عبد الحليم الرهيمي
منذ نحو سنتين يتبارى عدد من السياسيين، الرسميين وغير الرسميين، في الدعوة لكتابة او اصدار عقد سياسي جديد لمعالجة الازمات المتفاقمة في العراق، غير أن أياً من الداعين لهذا العقد لم يقدم، ولو رؤية موجزة وواضحة، تجيب عن الاسئلة المفترضة التي تطرحها تلك الدعوات ومنها:
لماذا العقد السياسي الجديد؟ واساساً ما هو العقد السياسي (القديم) والذي يجب الغاؤه وسارت وتسير عليه الحياة السياسية، فضلاً عن المجالات الاخرى الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية والعمرانية... وغيرها؟ ثم، وهذا هو المهم ما هي القضايا والمشكلات والهموم الكبرى التي يواجهها العراق والعراقيون وتتطلب الحلول والمعالجات الحقيقية والعملية التي ينبغي ان يتضمنها العقد السياسي الجديد في اولوياته؟.
ربما تعود اسباب الغموض وعدم الوضوح في رؤى الداعين للعقد السياسي الجديد الى، افتقاد الجدية الكافية لانجاز مثل هذا العقد، او ظنهم بأن طرح مثل هذه الدعوة تساعد على احتواء الحراك الشعبي الذي اندلع في تشرين الاول 2019 والذي كان أحد اسبابه ودوافعه ما نجم عن العقد السياسي القديم من ازمات حادة متعددة ومتفاقمة في الاوضاع.. وغير ذلك من اسباب
ودوافع.
لذلك، ولكي تحظى تلك الدعوات للعقد السياسي الجديد بالمصداقية اللازمة وتقبل الرأي العام العراقي لدوافعها ومضمونها ينبغي ان يقدم الداعون لهذا العقد: اولا نقداً جدياً وصريحاً للعقد السياسي، {القديم} ويبدأ بنقد الاخطاء و(الالغام) التي تضمنها دستور 2005، ثانياً، التأشير الجريء على اخطاء الادارة العسكرية والسياسية الاميركية في العراق واخطاء الطبقة السياسية التي تصدرت قيادة الاوضاع في العراق خلال الحقبة الماضية. ثالثاً، التأشير على الخلل والاخطاء وفي العديد من التشريعات والقرارات التي اتخذها البرلمان والحكومات المركزية والمحلية في ادارة شؤون البلاد، وكذلك التقصير في سن التشريعات البرلمانية والاجراءات الحكومية التي من شأنها بناء الدولة الديمقراطية المدنية العادلة المنشودة والاكتفاء بـ (بناء) السلطة التي تضمن مصالح الطبقة المتنفذة على حساب مصالح العراقيين والعراق، وعلى حساب بناء تلك الدولة الموعودة.
وفي ضوء ذلك، فأن الداعين، او المتطلعين لكتابة عقد سياسي جديد، عليهم المباشرة بوضع وصياغة خطوطه العامة وبعض تفصيلاته وطرحها للنقاش العام، وبعكس ذلك ستعد تلك الدعوات مجرد كلام للاستهلاك الداخلي لا غير!