د. اركان كيلان
انضم العراق الى عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تهتم في مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب، وتمت المصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية)، لذا يجب مراعاة ذلك عند اصدار القوانين والانظمة والتعليمات انسجامًا والتزاماً بالمعايير الدولية. ومن هذه الاتفاقيات والمعاهدات معاهدة منظمة التعاون الاسلامي لمكافحة الارهاب الدولي الموقعه في سنة 1999 وتمت المصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية بالعدد (4270) في 4 /3 /2013 .
وايضاً العراق عضو في الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب الموقعة في القاهرة بتاريخ 21 /12 /2010 وتمت المصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية أيضاً بالعدد (4270) في 4 /3 /2013 .
والعراق عضو في مجموعة (MENA-FATF ) وهي مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ومقرها مملكة البحرين والتي أنشئت بموجب الاجراءات التي اتخذتها الامم المتحدة، واقراراً بالتوصيات الأربعين لمجموعة العمل المالي بشأن مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب (FATF) ومقرها باريس. ومن توصيات مجموعة العمل المالي المعايير الدولية حول مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب للمنظمات غير الهادفة للربح، حيث الزمت الدول على مراجعة وملائمة القوانين واللوائح التي تتعلق بالمنظمات غير الهادفة للربح مع هذه المعايير، وينبغي على الدول الاعضاء أن تطبق تدابير مركزة ومتناسبة، تتماشى مع المنهج القائم على المخاطر في هذه المنظمات لحمايتها من الاستغلال لغايات تمويل الارهاب بما في ذلك:
• من قبل المنظمات الارهابية التي تظهر ككيانات مشروعة.
• من أجل استغلال كيانات مشروعة كأدوات لتمويل الإرهاب، بما في ذلك من اجل التهرب من تدابير تجميد الأصول.
• من إجل إخفاء أو تغطية تحويل الأموال المخصصة لأغراض مشروعة سراً الى منظمات إرهابية.وفي شهر ايلول سنة 2005 اصدرت (مينا فاتف) دليل بأفضل الممارسات العملية من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب، تضمن بيان مخاطر استغلال الجمعيات الخيرية والاجراءات المقترحة لتنظيم عملها من الجوانب القانونية والاشرافية والرقابية والمالية وتدعى بـ (ضوابط العناية الواجبة).ولو تمَّ إسقاط المعايير التي اعتمدها الدليل على العراق كونه عضواً فيها نلاحظ أنه قد قطع شوطاً كبيراً من خلال تشريع قانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) لسنة 2010 الذي حدد الجهة المخولة بالإشراف والرقابة على قطاع المنظمات غير الحكومية، وهي دائرة المنظمات غير الحكومية في الامانة العامة لمجلس الوزراء التي نفذت شروط ومتطلبات منح الرخصة أو شهادة التسجيل، التي بموجبها تكتسب المنظمة الشخصية المعنوية مع التركيز على دراسة أهداف ووسائل تحقيق الاهداف للمنظمة والسعي، نحو التخصص في مجال العمل من خلال فرض تخصص رئيس وثانوي واحد فقط. مع مراجعة الدائرة لأسماء الاعضاء المؤسسين ومجلس الادارة ومدى توافقهم مع المعايير الموضوعة المتعلقة بالتأهيل والسمعة الحسنة. ودراسة مصادر تمويل المنظمة التي ذكرت في نظامها الداخلي, وقد منح القانون للدائرة اتخاذ العقوبات بحق المنظمات المخالفة لاهدافها عقوبة التنبية والتعليق والحل القضائي مع امكانية الدائرة التنسيق مع ديوان الرقابة المالية بتدقيق حسابات المنظمة في حال تبين للدائرة أن سجلات المالية للمنظمة غير دقيقة، وفيها تلاعب وعلى المنظمة أن توفر جميع المعلومات المطلوبة لأغراض التدقيق.
وقد فرض القانون على المنظمات أن تجري عملياتها المالية باستلام الموارد المالية وصرفها من خلال المصارف الحكومية أو الاهلية بواسطة حساب مصرفي، وان تجري المنظمة التي تتجاوز ميزانيتها السنوية 75 مليون دينار تدقيقا داخليا لحساباتها كل سنة بواسطة محاسب قانوني مجاز.
ودائماً ما تدعو وتنادي المنظمات غير الحكومية الى اعتماد الشفافية والافصاح في تنفيذ البرامج الحكومية، وهو حق لكن أيضاَ عليها واجب كشف مصادر تمويلها للمجتمع، لغرض تعزيز وزيادة ثقة أفراد المجتمع والمتبرعين، اذن هي عملية تشاركية وليس تنافرية. مع مراعاة بأن أعضاء ومؤسسي ومنتسبي المنظمة واعضاء الهيئة الادارية أو التنفيذيين، لا يعدون مسؤولين شخصياً عن التزامات المنظمة القانونية. وفي حال أعداد ضوابط العناية الواجبة الخاصة بدائرة المنظمات غير الحكومية أستناداً لقانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) لسنة 2010 وقانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب رقم (39) لسنة 2015 يجب الاخذ بنظر الاعتبار بأن الدائرة لا يمكنها تحديد اصحاب المناصب العليا ذوي المخاطر عند شروعهم في تأسيس أي منظمة لان القانون أعطاء الحق لكل عراقي الجنسية أو مقيم في العراق بتأسيس منظمة بغض النظر عن منصبه مع امكانية اقرار وتطبيق باقي الضوابط التي تم ذكرها سابقاً.لذا فان الهدف من اقرار واعتماد ضوابط العناية الواجبة للمنظمات غير الحكومية هو ليس تدخل أو تقليص أو تحجيم لاعمالها أو وضع العقبات في طريقها وانما العكس من ذلك تماما فان الهدف هو أن تساهم الضوابط في الحفاظ على حيوية ونزاهة قطاع العمل الخيري وتعزيز ثقة المجتمع في هذه المؤسسات واستمرارية أعمالها وعطاءاتها من خلال الشفافية المالية والمعلومات الصحيحة الموثقة وبالتالي زيادة أنشطتها السامية على نحو قوي ومتنوع .
باحث في شؤون المجتمع المدني العراقي