أليكسي لوسان
ترجمة: شيماء ميران
لقد كانت الحكومة الروسية حريصة على تنفيذ ستراتيجيتها الجديدة بالتوجه إلى التخلي عن الدولار الاميركي. إذاً لنلقي نظرة على القرار، ونناقش إيجابيات وسلبيات هكذا التزام.
متى بدأت روسيا التخلي عن الدولار؟
لقد تراجعت حصة العمليات التجارية بين روسيا والصين بالدولار إلى 46 % في الربع الأول من العام الماضي، بعد أنْ استقرت على 90 % لمدة خمس سنوات. وبدأت مبادرة التخلي عن الدولار في روسيا مع مطلع عام 2014، أثناء العقوبات وسط انهيار دبلومسي بشأن شبه جزيرة القرم.
وكان أحد الإجراءات التي اتبعتها اميركا هو فرض الحظر المتكرر على استخدام روسيا للدولار. نظراً لأنَّ العملة الاميركية هي الاكثر استخداماً في التجارة الدولية، حتى مع الدفوعات بالعملات الوطنية التي غالباً ما تُحوّل إلى ما يعادلها بالدولار الاميركي، حين تكون عبداً للدولار قد يساعد على انهيار التجارة الروسية كلها تقريباً. وانضمت دول أخرى ايضا إلى المبادرة من بينها الصين وتركيا وايران والهند والبرازيل.
تقول ايكاترينا نوفيكوفا أستاذ مساعد في التنظير الاقتصادي جامعة بليخانوف: "على الرغم من التحرك للتخلي عن الدولار، لكنَّ هيمنته واضحة في أغلبية التعاملات العالمية، ما يعني ان هذه العملية قد تستغرق مدة من الزمن".
لا تملك روسيا تجارة كبيرة مع اميركا، والجزء الاعظم من مبيعاتها يكون للصين والاتحاد الاوروبي. يقول ألكسندر ابراموف محلل بالشؤون المالية في الاكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة: "تخلي الاقتصاد الروسي عن الدولار عملية حتمية إلى حدٍ ما، نظراً لتبادل البضائع المعتدل ما بين البلدين، مقارنة بالصين والاتحاد الاوروبي، فضلاً عن العمليات الجيوسياسية المستمرة.
كما أنَّ تقلب وعدم استقرار عملة الروبل تجعله أضعف من اليورو واليوان، ما يؤدي إلى خفض عدد العمليات التجارية بالروبل مع شركاء روسيا الاقتصاديين الكبار. إذ إنَّ الحسابات بالروبل تمثل 7 % من إجمالي التجارة مع الصين.
استخدام الروبل بدقة في إجراء العمليات الحسابية أمراً مستحيلاً اليوم، بسبب عدم استقراره الشديد، بينما اللجوء إلى المشتقات النفطية يتطلب إجراء تعديلات على القانون الروسي. لذلك، فمن المستحيل توقيع عقود طويلة الامد، مثلا اتفاقية تسليم الغاز الروسي إلى الصين عن طريق خط انابيب سيلا سيبيري التي ستدوم لمدة 30 عاماً.
في ضوء التقسيم الدولي للعمل، فان معظم الحسابات ينبغي ان تربط ببعض ما يعادلها. والسؤال ان لم يكن الدولار، إذاً ما العملة البديلة؟، اول عملة تخطر في البال اليورو حين نتحدث عن التعاملات الدولية، والتي استخدمتها بالفعل (روسنفت) اكبر شركة روسية حكومية منتجة للنفط.
هناك فرصة ضئيلة أمام أي أحد في إسقاط الدولار بنجاح في المستقبل القريب، لكن هذا لا يمنع الدول من مبادلته بعملتها المحلية حتى في الاتفاقات الدولية.
في العام 2019، وقعت روسيا والصين معاهدة لاستخدام العملات الدولية في التجارة المتبادلة، اضافة إلى الخفض التدريجي في سوق الدولار من 90 % في العام 2015 إلى 46 % حتى عام 2020.
يقول ديمتري بيكوف رئيس محللي شركة روسيا انفيست: "ان هيكليات الاحتياطي المصرفي الدولي تعتمد على الدولار بنسبة تزيد على 60 %، ليحافظ الدولار بذلك على صدارته في التجارة الدولية". ويستخدم اكثر من 60 % من المحللين الروس وثلث المستوردين الدولار، فضلاً عن عقود النفط والغاز ايضا. وتوضع خمس الودائع المصرفية في روسيا بالدولار ايضا، رغم تراجع تلك النسبة مطلع العام الماضي.
ومهما كانت الستراتيجيات التي تتخذها روسيا للحد من شدة تداعيات انخفاض قيمة الروبل، وهذا لا يتحقق إلا بإعادة هيكلة الاقتصاد الروسي ذاته. في غضون ذلك، يبدو استخدام الروبل في التعاملات مع الصين ودول الاتحاد الاقتصادي الاوراسي واعداً جداً.
عن راشين بيوند