أسباب تخلي روسيا والصين عن الدولار الأميركي

آراء 2021/06/17
...

  أليكسي لوسان
  ترجمة: شيماء ميران
 
لقد كانت الحكومة الروسية حريصة على تنفيذ ستراتيجيتها الجديدة بالتوجه إلى التخلي عن الدولار ‏الاميركي. إذاً لنلقي نظرة على القرار، ونناقش إيجابيات وسلبيات هكذا التزام.‏
متى بدأت روسيا التخلي عن الدولار؟
لقد تراجعت حصة العمليات التجارية بين روسيا والصين بالدولار إلى ‏‎46‎‏ % في الربع الأول من العام ‏الماضي، بعد أنْ استقرت على 90‏ ‎%‎‏ لمدة خمس سنوات. وبدأت مبادرة التخلي عن الدولار في روسيا مع ‏مطلع عام 2014، أثناء العقوبات وسط انهيار دبلومسي بشأن شبه جزيرة القرم.‏
وكان أحد الإجراءات التي اتبعتها اميركا هو فرض الحظر المتكرر على استخدام روسيا للدولار. نظراً لأنَّ ‏العملة الاميركية هي الاكثر استخداماً في التجارة الدولية، حتى مع الدفوعات بالعملات الوطنية التي غالباً ‏ما تُحوّل إلى ما يعادلها بالدولار الاميركي، حين تكون عبداً للدولار قد يساعد على انهيار التجارة الروسية ‏كلها تقريباً. وانضمت دول أخرى ايضا إلى المبادرة من بينها الصين وتركيا وايران والهند والبرازيل.‏
تقول ايكاترينا نوفيكوفا أستاذ مساعد في التنظير الاقتصادي جامعة بليخانوف: "على الرغم من التحرك ‏للتخلي عن الدولار، لكنَّ هيمنته واضحة في أغلبية التعاملات العالمية، ما يعني ان هذه العملية قد ‏تستغرق مدة من الزمن".‏
لا تملك روسيا تجارة كبيرة مع اميركا، والجزء الاعظم من مبيعاتها يكون للصين والاتحاد الاوروبي. يقول ‏ألكسندر ابراموف محلل بالشؤون المالية في الاكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة: ‏‏"تخلي الاقتصاد الروسي عن الدولار عملية حتمية إلى حدٍ ما، نظراً لتبادل البضائع المعتدل ما بين ‏البلدين، مقارنة بالصين والاتحاد الاوروبي، فضلاً عن العمليات الجيوسياسية المستمرة.‏
كما أنَّ تقلب وعدم استقرار عملة الروبل تجعله أضعف من اليورو واليوان، ما يؤدي إلى خفض عدد ‏العمليات التجارية بالروبل مع شركاء روسيا الاقتصاديين الكبار. إذ إنَّ الحسابات بالروبل تمثل ‏‎7‎‏ % من ‏إجمالي التجارة مع الصين.‏
استخدام الروبل بدقة في إجراء العمليات الحسابية أمراً مستحيلاً اليوم، بسبب عدم استقراره الشديد، بينما ‏اللجوء إلى المشتقات النفطية يتطلب إجراء تعديلات على القانون الروسي. لذلك، فمن المستحيل توقيع ‏عقود طويلة الامد، مثلا اتفاقية تسليم الغاز الروسي إلى الصين عن طريق خط انابيب سيلا سيبيري التي ‏ستدوم لمدة ‏‎30‎‏ عاماً.‏
في ضوء التقسيم الدولي للعمل، فان معظم الحسابات ينبغي ان تربط ببعض ما يعادلها. والسؤال ان لم ‏يكن الدولار، إذاً ما العملة البديلة؟، اول عملة تخطر في البال اليورو حين نتحدث عن التعاملات الدولية، ‏والتي استخدمتها بالفعل (روسنفت) اكبر شركة روسية حكومية منتجة للنفط.
هناك فرصة ضئيلة أمام أي أحد في إسقاط الدولار بنجاح في المستقبل القريب، لكن هذا لا يمنع الدول ‏من مبادلته بعملتها المحلية حتى في الاتفاقات الدولية.
في العام ‏‎2019‎، وقعت روسيا والصين معاهدة لاستخدام العملات الدولية في التجارة المتبادلة، اضافة إلى ‏الخفض التدريجي في سوق الدولار من 90‏ ‎%‎‏ في العام ‏‎2015‎‏ إلى 46 %‏‎ ‎‏ حتى عام 2020.‏
يقول ديمتري بيكوف رئيس محللي شركة روسيا انفيست: "ان هيكليات الاحتياطي المصرفي الدولي تعتمد ‏على الدولار بنسبة تزيد على 60 ‏‎%‎، ليحافظ الدولار بذلك على صدارته في التجارة الدولية". ويستخدم اكثر ‏من ‏‎60‎‏ % من المحللين الروس وثلث المستوردين الدولار، فضلاً عن عقود النفط والغاز ايضا. وتوضع ‏خمس الودائع المصرفية في روسيا بالدولار ايضا، رغم تراجع تلك النسبة مطلع العام الماضي.‏
ومهما كانت الستراتيجيات التي تتخذها روسيا للحد من شدة تداعيات انخفاض قيمة الروبل، وهذا لا يتحقق ‏إلا بإعادة هيكلة الاقتصاد الروسي ذاته. في غضون ذلك، يبدو استخدام الروبل في التعاملات مع الصين ‏ودول الاتحاد الاقتصادي الاوراسي واعداً جداً.‏
عن راشين بيوند