المرأة العاملة والتمكين المجتمعي

آراء 2021/06/17
...

   رؤى زهير شكر
 
تختلف الرؤى وتتباين بشأن عمل المرأة ومنحها حق العمل في مختلف الميادين، خاصة حينما تقترب مناسبة تخصها مثل عيد المرأة أو عيد الأم، لذا ترتفع الاصوات وتعلو من مختلف الجهات السياسية وكتلها ومن أغلب الشخصيات الثقافية والمجتمعية، داعين لتمكين المرأة من أجل تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتهيئة الحماية القانونية لها وتوفير سبل التوفيق بين مسؤولياتها في الأسرة والعمل.
ويعرّفُ (تمكين المرأة) أنه فعل تقوية النساء في المجتمعات المعاصرة، وقد أصبح هذا المفهوم موضوعًا مهمًا للنقاش خاصة في مجالات التنمية والاقتصاد، ومن الممكن أيضًا أن يشير مفهوم التمكين للأساليب التي تمكن الأجناس الأخرى المهمشة في سياقٍ اجتماعي أو سياسي معين. 
وقد شرعت الامانة العامة لمجلس الوزراء بفتح دائرة خاصة لتمكين المرأة، وعلى خطاها فتحت بعض الهيئات المستقلة والوزارات اقساما لتمكين المرأة، إلا انها أقسامٌ ودوائر اسمية فقط تخلو من أي محتوى وظيفي جاد لتمكين المرأة مجتمعيا واقتصاديا، بل وحتى سياسيا، ليقتصر الحديث فيها عن مجموعة من الأفكار لورش عمل تُعقد في قاعات خاصة وتخرج في النهاية بتوصيات لا تُغني ولا تُسمن، وتبقى حبيسات الورق، فالنظرة الوظيفية القاصرة للمرأة الموظفة تعدّها مجرّد (آلةٍ) تنفيذيةٍ لا تصلح للقيادة والمشاركة الفاعلة، إلا اللواتي خرجْنَ من عباءة الكُتل السياسية وتزكيات الساسة وقادة الاسلام السياسي التي غالبا ما تكون المرأة المقدّمة بهذه الآلية أداةً طوعية تعمل لصالح الايديولوجية، والجهة التي تبنت وجودها الوظيفي، لا تملك حتى حق إبداء الرأي كونها مسيّرة لصالح الجهة الساندة والداعمة لوجودها الوظيفي، فعلى مرّ العقود تدفع المرأة العاملة ضريبة وجودها الفعلي كمواطن له حقّ في الحياة والعمل والانسانية على حساب راحتها الجسدية والنفسية.
يعدُّ العراق إحدى الدول الغنية بالثروات إلى جانب فقر مجتمعي وعلى وجه التحديد مدى رؤية هذه المجتمعات للمرأة العاملة، إذ بات على المرأة العاملة في العراق الصراع للحصول على حقوقها المكفولة دستوريا والمغيبة وظيفيا ومجتمعيا وأسريا، كون التشتت الفكري لمجتمع ضاعت ملامحه وتلاشت بين العشائرية والدينية والقبلية يرسم للمرأة حدا بين (العيب والحرام) وبين (الفرض والواجب)، بل يعدّها (آلةً) للإنجاب والعمل المنزلي وطاعة الزوج والقيام بالفرائض الزوجية، وان تحدت هذه النظرة عليها ان تكون مجبرة لا مُخيرة لدفع الضريبة الاكبر من حقها الفعلي في الحياة الاسرية والمجتمعية وقد تمتد الى الاقتصادية ايضا، كون اي تقصير في أداء اي جزء من مهامها البيتية سيكون عملها الوظيفي سواء في القطاع العام او الخاص الشماعة، التي تُعلق عليها مُعظم الهفوات، كونها تعدُّ مُرفهة اقتصاديا باستقلالها المادي، لذا تزداد وتيرة الضرائب المدفوعة مجتمعيا، بينما تتباين النظرة العامة لها بين المضايقات المجتمعية والوظيفية والشخصية لتُشكل عبئا أكبر يُضاف الى تل الهموم المرصوفة على كتفيها.
ومن هنا تتعالى الدعوات لإعادة النظر بجميع الحقوق الوظيفية للمرأة العاملة، فضلا عن الدعوات الحقة لإعادة تسوية الفعلية بين الامكانات والكفاءات النسوية الفعلية وتمكينها وظيفيا ومجتمعيا واقتصاديا وسياسيا، لا أن يبقى تمكينها دوائر حكومية واقساما لم يعرف من فيها تاءها من نونها.