القوانين وواقعية العمل البرلماني

آراء 2021/06/17
...

   سلام مكي
 
لعل أكثر ما يميز الدورة الحالية لمجلس النواب، هو أنها أكثر دورة شهدت تعطيلا كاملا لدور المجلس في جانبي التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية. فعن الدور الرقابي، سيجد المتابع في موقع المجلس تحديدا في خانة القوانين قيد التشريع، وجود كم كبير من القوانين التي تنتظر دورها في القراءة الأولى والثانية ومن بعدها التصويت.. ولكن عند التمعن في تلك القوانين، نجد أن أغلبها إن لم يكن كلها، عبارة عن قوانين لا علاقة لها بالواقع، ولا تخدم مسيرة الدولة ولا صلة لها بمصلحة الدولة ولا بمصلحة المواطن. فمثلا قانون انضمام جمهورية العراق إلى الاتفاقية المشتركة بشأن أمان التصرف في الوقود المستهلك وأمان التصرف في النفايات المشعة، وقانون الانضمام إلى اتفاقية الأمان النووي وقانون الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتداخل في أعالي البحار في حالة وقوع حوادث مسببة للتلوث الزيتي.. وغيرها الكثير من القوانين التي تخص قوانين الانضمام إلى اتفاقيات، لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، فالأمن النووي والجرف القاري، حتى لو تم الانضمام إلى الاتفاقيات التي تنظم عملها، فإن احتمالية الاستفادة من ذلك الانضمام أمر مستحيل، لأنه لا توجد حدود بحرية للعراق، عدا الحدود المطلة على الخليج العربي، والأمن النووي يمكن الانضمام إليه، بينما لو كانت الدولة العراقية تملك منشآت نووية. هذه العينات من القوانين التي ينشغل بها مجلس النواب، في وقت، هنالك الكثير من القوانين المهمة والأساسية التي تخدم المواطن والتي تسبب تعطيلها أو عدم وجودها بضرر بالغ على السياسة والاقتصاد والأمن الوطني. فمثلا فشل مجلس النواب في تشريع قانون النفط والغاز، وفشل في تعديل الدستور، رغم الثغرات الكبيرة والكثيرة التي تسببت بمشكلات لا حصر لها، ولولا وفاة عضوين من المحكمة الاتحادية وتعطيل المحكمة، لما تمكن المجلس من تعديل الأمر 35 لسنة2005  الخاص بالمحكمة، وهو أضعف الايمان، لأن المنطق يقول هو تشريع قانون جديد للمحكمة، يتناسب مع الدستور. أما النصوص الدستورية التي لا يمكن تطبيقها إلا بقانون، فهي كثيرة، ولكنها معطلة حتى الان ولا توجد نية لدى مجلس النواب لتشريع القوانين التي تنظم عملها. 
الجانب الاخر المعطل هو الدور الرقابي للمجلس، فالمادة 61 من الدستور، حددت اختصاصات مجلس النواب، ومن بينها الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، وفصّلت الفقرة سابعا من المادة نفسها وكذلك النظام الداخلي للمجلس، آلية مباشرة المجلس لذلك الدور. ولكن السؤال يبرز هنا: ما هي نسبة استخدام مجلس النواب لدوره الرقابي؟ كم وزيرا تم استجوابه ومناقشته في المجلس؟ إن الجواب على هذا السؤال يعني أن أداء الحكومة لا غبار عليه، فلا يوجد فساد في الوزارات، ولا تلكؤ في المشاريع، ولا تقصير ولا إهمال.. لأن عدم استجواب أي وزير ولا حتى استيضاح عن سياسة وأداء مجلس الوزراء، يعني أن كل شيء واضح ومكشوف، والعمل الحكومي يمتاز بشفافية عالية حتى لا يوجد عضو في مجلس النواب، يسأل عن أمر ما. أو إن مجلس النواب لا يقوم بواجبه ودوره وهو الأمر الأكثر صوابا.