الإدارة السياسيَّة ومواجهة التحديات

آراء 2021/06/19
...

 مشتاق جباري 
 
ما تواجهه البلاد من تحديات ستراتيجية كبيرة وصعبة لا يمكن التغلب عليها دون الاتفاق على وضع قواعد عمل سياسي جديدة، تتخلى بموجبها القوى السياسية عن الطرق والاساليب والقواعد القديمة، وتأتي بقواعد عمل جديدة من خلال تعديلات دستورية، تطول جوهر النظام القائم، وبرؤية تعمل على تغيير طريقة ادارة البلاد بمناقشة مقترحات مهمة ومنها التحول نحو النظام الرئاسي البرلماني، او الابقاء على الشكل الحالي للادارة وتشكيل حكومة اغلبية سياسية على اساس وطني، والانتخابات القادمة ستكون الفرصة الابرز لتحقيق
ذلك.
في المرحلة القادمة هناك متغيرات استراتيجية، داخلية، ما زالت تتفاعل وتزداد خطورة وتشكل تحديا وجوديا للنظام السياسي، ومنها تحدي مواجهة العمق الفاسد الذي يخترق بنية الدولة العراقية ويؤثر في فعالياتها المختلفة، والسيطرة على السلاح المنفلت وهي المشكلة المتداخلة والمعقدة والتي تبحث عن طاولة حوار ستراتيجي داخلي لتفكيكها، والتحدي الاقتصادي الابرز والاهم.
وهذه التحديات لايمكن مواجهتها دون تجديد البنية الرئيسية للنظام السياسي وبواسطة ادواتها السياسية الفاعلة تطلق يد الحكومة التنفيذية للعمل والتغيير. 
بات واضحا ان رغبة التغيير،والشعور بقوة التحديات، الانية والمستقبلية، يجعل القراءة المستقبلية مثيرة للقلق، فلا يمكن توقع نجاح ممارسة التخطيط والتنفيذ الستراتيجي لمواجهة التحديات الكبرى دون تعديل مسار الدولة وضبط تفاعلاتها وتحجيم الانقسام الكتلوي السياسي، بطريقة عمل تحترم ارادة الشعب.
فالقوى التي تتشكل تحت ظلال ديموقراطية حقيقية، وضمن بيئة مناسبة تسمح بها قواعد العمل السياسي الجديدة التي ترغب بها الجماهير، ستقدم كل ما يلزم لنجاح وتطور العمل الديموقراطي، وتتحول بفعل التجربة والارتباط بها وجوديا، الى قوى دولة حقيقية، تفهم ما يجب عليها القيام به وتكون اكثر جرأة في اتخاذ القرارات الاصلاحية 
التأسيسية.
والتحديات ايا كانت، لا يمكن تجاوزها من دون تجاوز التحدي الاكبر المتمثل في الاتفاق على الشكل الامثل لادارة الدولة، وهذا لايتم الا بفهم كلمة الشعب والبحث طويلا في مطالبه المشروعة الساعية الى التجديد جذريا وليس شكليا او جزئيا،وهذه تتم أولا من خلال استبدال الطريقة التي تدار بها البلاد، اذ لم يعد مجديا او مقبولا البقاء على الطريقة الراهنة بمختلف تفاصيلها في ممارسة عملية ادارة الحكم.