مشاريع متلكئة

آراء 2021/06/19
...

 د. صادق كاظم 
 
وحده العراق من بين دول العالم الذي يملك الرقم القياسي العالمي في عدد المشاريع الوهمية والمتلكئة والتي حصل اصحابها على اكثر من 500 مليار دولار، تمت سرقتها بشكل علني ومن دون محاسبة من احد، بل إن بعض هذه الشركات الوهمية التي حازت على هذه العقود رغم المؤاخذات القانونية والمالية والفنية عليها، حصلت ايضا على تعويضات مالية ضخمة وكبيرة كمكافأة لها على عدم تنفيذها لهذه المشاريع في سابقة خطيرة لم تشهدها الدولة العراقية منذ تاسسيها في العام 2021 وحتى الان، حيث ذهب قسم كبير من تلك الاموال الى جيوب الفاسدين، الذين يقيمون علاقات وثيقة مع هذه الشركات من اجل تقاسم مبالغ التعويضات.
الكثير من المشاريع التي خطط لها سابقا من اجل اعادة اعمار البلاد وتطويرها والتي يصل عديدها الى اكثر من 1000 مشروع، تمت احالتها الى شركات وهمية وغير حقيقية لتكون غطاء لعمليات فساد مقنع قد اسهمت في ابتلاع مبالغ مالية ضخمة كانت بالتاكيد ستغير من خارطة البلاد العمرانية والخدمية بشكل كبير ومغاير عن الواقع الحالي، ومعظم اموال هذه المشاريع قد ذهبت وذابت بين اروقة ودهاليز شبكات الفساد العميقة، التي قامت بالاستحواذ عليها وغلق ملفات هذه المشاريع بأحكام.
اموال هذه المشاريع الوهمية وتلك التي تم تنفيذ جزء بسيط منها انفقت على مشاريع تجميلية ليست لها علاقة بالبنى التحتية والخدمات، حيث لم تشيد بهذه الاموال اية مستشفيات حديثة او مدارس ، فضلا عن الجسور والطرقات السريعة وكذلك المصانع ومشاريع الاسكان وغيرها، حيث لا تزال البلاد ومنذ اكثر من 18 عاما من دون اية مشاريع او بنى تحتية ضخمة وكبيرة يمكن ان تستوعب التوسع الكبير في عدد السكان والطلب المتزايد على الخدمات في قطاعات الصحة والتعليم والنقل والاعمال بمختلف أنواعها.
ملف الاستثمار والاجازات والتراخيص التي منحت لما يسمى بالشركات الاستثمارية لتنفيذ مشاريع تتعلق بالبنى التحتية، قامت الجهات الحكومية بفتحه بشكل متأخر والتي كشفت عن تجاوزات وسلوكيات خطيرة الحقت ضررا كبيرا بالاقتصاد العراقي، اضافة الى غياب الشفافية عنها، فالاراضي منحت لتلك الشركات بشكل شبه مجاني مع تسهيلات مالية وائتمانية مفتوحة، حيث حصلت هذه الشركات على معظم اموال تلك المشاريع وبنسب تتجاوز المعدلات المسموحة والتي يفترض ان تكون متناسبة مع مراحل انجازها، مما سمح لها باخذ تلك الاموال والهروب بها خارج البلاد مع ترك هذه المشاريع على حالها، وهو ما كشفته هيئة الاستثمار الوطنية مؤخرا التي اكدت انه من بين 2500 مشروع استثماري ستراتيجي تمت الموافقة عليه لم ينفذ منها سوى 500 منها بشكل كامل اما باقي المشاريع، فهي غير منفذة والشركات القائمة على تنفيذها مطلوبة للقضاء العراقي بتهم الفساد والنصب والاحتيال.